التَّحْصِيلِ ثُمَّ الْمَصَالِحُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهُمَا: أُخْرَوِيَّةٌ وَهِيَ مُتَوَقَّعَةُ الْحُصُولِ، إذْ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ بِمَ يُخْتَمُ لَهُ؟ وَلَوْ عَرَفَ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ بِالْقَبُولِ، وَلَوْ قُطِعَ بِالْقَبُولِ لَمْ يُقْطَعْ بِحُصُولِ ثَوَابِهَا وَمَصَالِحِهَا، لِجَوَازِ ذَهَابِهَا بِالْمُوَازَنَةِ وَالْمُقَاصَّةِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَصَالِحُ دُنْيَوِيَّةٌ وَهِيَ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا نَاجِزُ الْحُصُولِ كَمَصَالِح الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ، وَالْمَنَاكِحِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَرَاكِبِ، وَكَذَلِكَ مَصَالِحُ الْمُعَامَلَاتِ النَّاجِزَةِ الْأَعْوَاضُ وَحِيَازَةُ الْمُبَاحِ - كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاحْتِطَابِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مُتَوَقَّعُ الْحُصُولِ كَالِاتِّجَارِ لِتَحْصِيلِ الْأَرْبَاحِ وَكَذَلِكَ الِاتِّجَارُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لِمَا يُتَوَقَّعُ فِيهَا مِنْ الْأَرْبَاحِ.
وَكَذَلِكَ تَعْلِيمُهُمْ الصَّنَائِعَ وَالْعُلُومَ لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْ مَصَالِحِهَا وَفَوَائِدِهَا، وَكَذَلِكَ بِنَاءُ الدَّارِ وَزَرْعُ الْحُبُوبِ وَغَرْسُ الْأَشْجَارِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَصَالِحُهُ مُتَوَقَّعَةٌ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهَا، وَكَذَلِكَ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ مَصَالِحِ الِانْزِجَارِ مِنْ الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا يَكُون لَهُ مَصْلَحَتَانِ إحْدَاهُمَا عَاجِلَةٌ وَالْأُخْرَى آجِلَةٌ كَالْكَفَّارَاتِ وَالْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّاتِ، فَإِنَّ مَصَالِحَهَا الْعَاجِلَةَ لِقَابِلِيهَا، وَالْآجِلَةَ لِبَاذِلِيهَا، فَمَصَالِحُهَا الْعَاجِلَةُ نَاجِزَةُ الْحُصُولِ، وَالْآجِلَةُ مُتَوَقَّعَةُ الْحُصُولِ.
فِي انْقِسَامِ الْمَفَاسِدِ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ
الْمَفَاسِدُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ - أَحَدُهَا: مَا يَجِبُ دَرْؤُهُ فَإِنْ عَظُمَتْ مَفْسَدَتُهُ وَجَبَ دَرْؤُهُ فِي كُلِّ شَرِيعَةٍ وَذَلِكَ كَالْكُفْرِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالْغَصْبِ وَإِفْسَادِ الْعُقُولِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الشَّرَائِعُ فَيُحْظَرُ فِي شَرْعٍ وَيُبَاحُ فِي آخَرَ تَشْدِيدًا عَلَى مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ، وَتَخْفِيفًا عَلَى مَنْ أُبِيحَ لَهُ، الثَّالِثُ: مَا تَدْرَؤُهُ الشَّرَائِعُ كَرَاهِيَةً لَهُ.