الْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ النَّهْيِ فِي حَقِّ الضِّيفَانِ وَأَمَّا صَاحِبُ الطَّعَامِ فَلَهُ الْإِفْرَادُ وَالْقِرَانُ، وَإِنْ كَانَ قِرَانُهُ مُخَالِفًا لِلْمُرُوءَةِ وَأَدَبِ الْمُؤَاكَلَةِ.
الْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ قَلِيلًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْآكِلِينَ فَهَذَا أَيْضًا فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ قِرَانِ الضِّيفَانِ.
الْمِثَالُ الْعَاشِرُ: دُخُولُ الْحَمَّامَاتِ وَالْقَيَاسِيرِ وَالْخَانَاتِ إذَا افْتَتَحَتْ أَبْوَابُهَا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِي الِارْتِفَاقِ بِهَا فِيهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، إقَامَةً لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ مَقَامَ صَرِيحِ الْإِذْنِ، وَلَا يَجُوزُ لِدَاخِلِ الْحَمَّامِ أَنْ يُقِيمَ فِيهِ أَكْثَرَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَلَا أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِنْ الْمَاءِ أَكْثَرَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، إذْ لَيْسَ فِيهِ إذْنٌ لَفْظِيٌّ وَلَا عُرْفِيٌّ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْوَالِ التَّحْرِيمُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ السَّبَبُ الْمُبِيحُ.
الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ: الدُّخُولُ إلَى دُورِ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ: بِالدُّخُولِ فِيهَا بَعْدَ فَتْحِ أَبْوَابِهَا لِلْحُكُومَاتِ وَالْخُصُومَاتِ وَكَذَلِكَ الْجُلُوسُ فِيهَا عَلَى حُصُرِهَا وَبُسُطِهَا إلَى انْقِضَاءِ حَاجَةِ الدَّاخِلِ إلَيْهَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ إقَامَةً طَوِيلَةً أَوْ أَرَادَ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ الدُّخُولَ لِلتَّنَزُّهِ أَوْ لِلْوُقُوفِ عَلَى مَا يَجْرِي لِلْخُصُومِ، فَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِمِثْلِهِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي عَشَرَ: الدُّخُولُ إلَى الْمَدَارِسِ لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ إلَى الْكَنَائِسِ بِغَيْرِ إذْنٍ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ وَاللَّفْظِيِّ، فَإِنَّهُمْ يَكْرَهُونَ دُخُولَ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهَا.
الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ: دُخُولُ الدُّورِ بِإِخْبَارِ الصِّبْيَانِ عَنْ إذْنِ رَبِّ الدَّارِ فِي الدُّخُولِ جَائِزٌ عَلَى الْأَظْهَرِ لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ مِنْ بَعْدِ جُرْأَتِهِمْ عَلَى مَالِكِ الدَّارِ،