مُعَارِضٌ كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لَأَسْقَطْنَاهُ، مَعَ أَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَضْعَفُ مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ فِي إنْفَاقِ الْأَزْوَاجِ عَلَى نِسَائِهِمْ مَعَ الْمُخَالَطَةِ الدَّائِمَةِ، نَعَمْ لَوْ اخْتَلَفْنَا فِي نَفَقَةِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ يَبْعُدْ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
الْمِثَالُ الْخَامِسُ: مَا إذَا ادَّعَى الْجَانِي شَلَلَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ سَلَامَتَهُ فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ
وَالثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْغَالِبَ مِنْ أَعْضَاءِ النَّاسِ السَّلَامَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي وُجُودِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ لِلْغَلَبَةِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْجَانِي فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَمِنْ قِصَاصِهِ.
وَقَدْ يَتَعَارَضُ أَصْلَانِ وَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِمَا وَلِذَلِكَ مِثَالَانِ: أَحَدُهُمَا: إذَا قَدَّ مَلْفُوفًا نِصْفَيْنِ فَزَعَمَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ حَيٌّ وَطَلَبَ الْقِصَاصَ وَزَعَمَ الْقَادُّ أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَعَلَى قَوْلٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَادِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ وَبَدَنِهِ مِنْ الْقِصَاصِ.
وَعَلَى قَوْلٍ، قَوْلُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الْمَقْدُودِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ مَلْفُوفًا فِي ثِيَابِ الْأَحْيَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَوْلِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا فِي ثِيَابِ الْأَمْوَاتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجْنِيَاءِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: إذَا غَابَ الْعَبْدُ وَانْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُ فَفِي وُجُوبِ فِطْرَتِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَجِبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاتِهِ.
وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ السَّيِّدِ عَنْ فِطْرَتِهِ.