لِيَتِيمٍ عَلَى يَتِيمٍ حَقٌّ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ فَلَا يُمْكِنُ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا، إذْ لَا تَجُوزُ الْمُسَامَحَةُ بِمَالِ أَحَدِهِمَا، وَعَلَى الْحَاكِمِ التَّوَسُّطُ فِي الْخِلَافِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ.
لِلنَّهْيِ أَحْوَالٌ: الْأُولَى أَنْ يُنْهَى عَنْ الشَّيْءِ لِاخْتِلَالِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهِ أَوْ شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِهِ كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ، وَكَالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ.
وَكَنَهْيِ الْمُحْرِمِ عَنْ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ، وَكَذَا النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْحُرِّ، وَعَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِحِ، وَبَيْعِ الْمَضَامِينِ، فَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
الْحَالُ الثَّانِيَةُ: النَّهْيُ لِاقْتِرَانِ مَفْسَدَتِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا: التَّطَهُّرُ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ لَيْسَ النَّهْيُ عَنْهُ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْ اسْتِمْرَارِ غَصْبِهِ،
وَكَذَلِكَ التَّطَهُّرُ بِمَا يَخَافُ مِنْهُ التَّلَفَ؛ لِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَمَّا اقْتَرَنَ بِهِ مِنْ خَوْفِ التَّلَفِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: الصَّلَاةُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ لَيْسَ النَّهْيُ عَنْهَا لِعَيْنِهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ عَمَّا اقْتَرَنَ بِهَا مِنْ الْغَصْبِ، فَالنَّهْيُ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَبِالْغَصْبِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ لِقَوْلِهِمْ لَا أَرَيْنَك هَهُنَا، وَكَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] ، النَّهْيُ عَنْ الْمَوْتِ بِاللَّفْظِ، وَعَمَّا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ الْكُفْرِ فِي الْمَعْنَى.
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الزخرف: 62] ، النَّهْيُ عَنْ الصَّدِّ لِلشَّيْطَانِ فِي اللَّفْظِ، لِلْمُكَلَّفَيْنِ فِي الْمَعْنَى.