وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ: فَكَكَرَاهَةِ لَمْسِ الْفُرُوجِ بِالْأَيْمَانِ، وَكَذَلِكَ لَمْسُ السُّرِّيَّةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَتَقْبِيلُهُمَا عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى فَسَادِ الصِّيَامِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ: فَعَامٌّ لِكُلِّ مَا جَوَّزَ الشَّرْعُ لَمْسَهُ مِنْ الزَّوْجَاتِ وَالْمَمْلُوكَاتِ وَسَائِرِ الْأَعْيَانِ وَمُعْظَمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَوَاسِّ وَسَائِلُ إلَى مَا يُبْتَنَى عَلَيْهَا مِنْ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ، بِخِلَافِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُلُوبِ وَالْجَوَارِحِ وَالْأَرْكَانِ فَإِنَّ مُعْظَمَهُ مَقَاصِدُ إلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ.
فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّاعَاتُ مِنْ الْأَمْوَالِ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الْأَمْوَالَ وَالْمَنَافِعَ وَسَائِلَ إلَى مَصَالِحَ دُنْيَوِيَّةٍ وَأُخْرَوِيَّةٍ، وَلَمْ يُسَوِّ بَيْنَ عِبَادِهِ فِيهَا ابْتِلَاءً وَامْتِحَانًا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ، وَاِتَّخَذَ الْأَغْنِيَاءُ الْفُقَرَاءَ سُخْرِيًّا فِي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ كَالْحَرْثِ وَالزَّرْعِ وَالْحَصْدِ وَالطَّحْنِ وَالْخَبْزِ وَالْعَجْنِ وَالنِّسَاجَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَبِنَاءِ الْمَسَاكِنِ وَحَمْلِ وَنَقْلِ الْأَثْقَالِ وَحِرَاسَةِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَافِعِ.
وَكَذَلِكَ تَمَنَّنَ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا أَبَاحَهُ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَبِمَا جَوَّزَهُ مِنْ الْإِجَارَاتِ وَالْجَعَالَاتِ وَالْوَكَالَاتِ تَحْصِيلًا لِلْمَنَافِعِ الَّتِي لَا تُحْصَى كَثْرَةً فَإِنَّ الْبَيْعَ لَوْ لَمْ يَشْرَعْهُ الشَّرْعُ لَفَاتَتْ مَصَالِحُ الْخَلْقِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى أَقْوَاتِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ وَمَزَارِعِهِمْ وَمَغَارِسِهِمْ وَسَوَاتِرِ عَوْرَاتِهِمْ وَمَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلَى عَالِمِ خَفِيَّاتِهِمْ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْهِبَاتِ وَالْوَصَايَا وَالصَّدَقَاتِ لِأَنَّهَا نَادِرَةٌ لَا يَجُودُ مُسْتَحِقُّهَا إلَّا نَادِرًا.
وَكَذَلِكَ الْإِجَارَاتُ لَوْ لَمْ يُجَوِّزْهَا الشَّرْعُ لَفَاتَتْ مَصَالِحُهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَسَاكِنِ وَالْمَرَاكِبِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْحِرَاثَةِ وَالسَّقْيِ وَالْحَصَادِ وَالتَّنْقِيَةِ وَالنَّقْلِ