عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا يَطْرَأَ مَا يُوجِبُ الْإِتْمَامَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَشْعُرُ بِهَذَا الْحُكْمِ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ مَعَ أَنَّهُ حُكْمُهُ الْإِتْمَامُ.
الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا مَاتَ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْحَجّ وَجَوَّزْنَا الْبِنَاءَ عَلَيْهِ فَاسْتَأْجَرْنَا مَنْ يَبْنِي عَلَيْهِ وَقَدْ وَقَعَ مَا تَقَدَّمَ بِنِيَّةِ الْأَجِيرِ الْأَوَّلِ وَمَا تَأَخَّرَ بِنِيَّةِ الْأَجِيرِ الثَّانِي فَيُؤَدَّى الْحَجُّ بِنِيَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ: إحْدَاهُمَا فِي ابْتِدَائِهِ وَالثَّانِيَةُ فِي انْتِهَائِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: النِّيَّةُ قَصْدٌ وَلَا بُدَّ لِلْقَصْدِ مِنْ مَقْصُودٍ مُكْتَسَبٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَصْدُ، فَأَيُّ كَسْبٍ مَقْصُودٍ لِلْإِمَامِ إذَا نَوَى الْإِمَامَةَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ مَعَ الْقَوْمِ لَا تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ؟ وَكَذَلِكَ إذَا أَحْرَمَ النَّاسِكُ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مَعَ اتِّحَادِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَإِنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ تَزِيدُ عَلَى أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ.
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَوْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ لَمْ تَصِحَّ عَلَى قَوْلٍ إذْ لَا يَنْوِي بِهَذِهِ الْمَسَائِلَ مُشْكِلَةً وَلَا يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ نَوَى الْأَحْكَامَ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا مِنْ صِفَاتِ كَسْبِهِ، وَالنِّيَّاتُ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِكَسْبٍ أَوْ صِفَةٍ تَابِعَةٍ لِلْكَسْبِ، وَمِنْ الْمُشْكِلِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: إنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ يَنْعَقِدَانِ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ، فَإِنْ أُرِيدَ بِالْإِحْرَامِ أَفْعَالُ الْحَجِّ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِشَيْءٍ مِنْهَا فِي وَقْتِ النِّيَّةِ وَلِأَنَّ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ لَا تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ كَمَا لَا تَتَقَدَّمُ مَحْظُورَاتُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهَا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الِانْفِكَاكُ عَنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِحْرَامَ مَعَ مُلَابَسَتِهِ لِمَحْظُورَاتٍ سِوَى الْجِمَاعِ لَصَحَّ إحْرَامُهُ وَإِنْ كَانَ الْكَفُّ عَنْهُمَا هُوَ الْإِحْرَامُ لَمَا صَحَّ مَعَ مُلَابَسَتِهَا كَمَا لَا يَصِحُّ الصِّيَامُ مَعَ مُلَابَسَتِهِ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ، وَإِنْ كَانَ الْإِحْرَامُ هُوَ الْكَفُّ عَنْ الْجِمَاعِ لَمَا صَحَّ إحْرَامُ مَنْ يَجْهَلُ وُجُوبَ الْكَفِّ