وأما ما ليس فيه نص من اللَّه ورسوله، ولا عمن يقتدى بقوله من الصحابة وسلف الأمة، فإذا وقع في نفس المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان المنشرح صدره بنور العرفة واليقين منه شيء، وحاك في صدره بشبهة موجودة ولم يجد من يفتي فيه بالرخصة إلا من يخبر عن رأيه، وهو ممن لا يوثق بعلمه وبدينه بل هو معروف باتباع الهوى، فهنا يرجع المؤمن إلى ما حاك في صدره بيان أفتاه هؤلاء الفتون (?).
ويقول رحمه اللَّه تعالى أيضًا مبينًا أن المقصود هو إظهار الحق مهما خالف أقوال الرجال، وهذا من النصيحة للَّه ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، يقول: فرد المقالات الضعيفة، وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية، ليس هو مما يكرهه العلماء، بل مما يحبونه ويمدحون فاعله، ويثنون عليه فلا يكون داخلًا في باب الغيبة بالكلية، فلو فرض أن أحدًا يكره إظهار خطئه الخالف للحق، فلا عبرة بكراهته لذلك، فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفًا لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواء كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة للَّه ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم، وذلك هو الدين كما أخبر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله إذا تأدب في الخطاب وأحسن الرد والجواب فلا حرج عليه ولا لوم يتوجه إليه. . . وقد بالغ الأئمة الورعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردوها أبلغ الرد كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها، ويبالغ في ردها عليهم، هذا كله حكم الظاهر، وأما في باطن الأمر، فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق، ولئلا يغتر