سادسًا: هذا الكتاب يدلل على أصالة ابن رجب في علم الفقه، وأن له فيه يدًا طولى، وأن عنده فيه عقلية إحصائية تجمع مسائل العلوم تحت منضبط واحدٍ، وقد صدق من قال عنه، وذكر له هذا الكتاب: "يدل على معرفة تامة بالمذهب" (?).
فهذا الكتاب يمثل عقلية ابن رجب الفقهية الإبداعية، كما أن "شرح العلل للترمذي" يدلل على عقليته الحديثية الإبداعية.
ومن الجدير بالذكر "أن ابن رجب في عرضه للمسائل كان عقلية واعية منفتّحة، لأنه ينقل آراء العلماء، ويرجح في بعض الأَحايين، وفي بعض الأحايين يذكر الرأي الذي يميل إليه صراحة، ويشير للآخر دون ذكره" (?) فيقول -مثلًا- في (القاعدة الحادية والثلاثين): "وظاهر كلام أحمد. . . " (?) وفي (القاعدة السادسة والعشرين): ". . . على أصح الوجهين" (?)، وهكذا.
سابعًا: لم يهمل ابن رجب في هذا الكتاب مذاهب العلماء الأُخرى، بل ذكر فيه مذاهب بعض الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، فضلًا عن سائر الأئمة المتبوعين، ولكن كان كذلك عند الحاجة وبقدر ما تحتاجه بعض المسائل، ويظهر ذلك جليًّا في الفهرس الخاص في هذا النوع، من المجلد الرابع.
ثامنًا: كما أنَّه لم يهمل فيه الأدلة النصيّة والآثار السلفية، وإن لم يكن ذلك من مقاصده، لانشغاله بلمّ شعث المسائل تحت قاعدة واحدة، والغالب