قلنا: إن السكر يحصل بسبب هو معصية وهو شرب الخمر المسكر واجتماع ذلك الحرام في معدته لم يجعل عذرا شرعا على ما عرف في غير هذا الموضع وأما باب النسيان فيتعلق به انعدام فعل ما أمر به لعدم القصد إليه. بسبب النسيان للعجز. إلا أن القصد لا يتصور منا إلى فعل بعينه قبل العلم به كقصده ديار زيد لا يتصور بدون زيد وقصد صوم رمضان قبل العلم به لا يتوصر وكذلك قصد استعمال الماء لا يتصور إلا بعد العلم به فصار في حكم العجز وإن نفيت القول الغريزية معه وصار أيضا في حكم النوم لأنه آفة مخلوقة جبلية كالنوم وقد قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين نسيان الصلاة والنوم عنها على ما مر ذكره إلا أن يكون نسيانا عن لهو أو لعب فيؤاخذ به كالنوم عن سكر ولهذا قلنا: إن من نسى الماء في رحله وهو مسافر فتيمم يجزئه لأنه عجز عن استعماله بالنسيان كما يعجز بعدم الماء فيسقط به خطاب استعمال الماء إلى الخطاب بالتيمم.
قال: وأما كلام الناس إنما يبطل الصلاة لأن أصل حظرية الكلام لا ترتفع بالنسيان وإنما بما ينبنى في الحرمة فحسب حتى لا يأثم إلا أن فعل الكف عن الكلام شرط لصحة الصلاة فلا يتأدى بدونه كما لو نسى الطهارة وصلى بدونها لم يأثم ولا تجوز صلاته.
قال: ونقول أيضا: أن القياس أن يفسد الصوم بأكل الناسى وكذلك الخطأ في حكم النسيان بدليل أن المخطئ لا يأثم ولهذا استثنى الله تعالى الخطأ من الحظر في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً} [النساء: 52] وقوله: {وَمَا كَانَ} للتحريم وقد استثنى منه ما يكون خطأ فثبت أنه في حكم المباح في حق الفاعل.
قال: ونقول إن كلام المخطئ صحيح مثل كلام العامد فإن يمين المخطئ صحيحة مثل يمينه وكذلك نكاح المخطئ وطلاقه وعتاقه ونذره وكل ما لا يبطل بالهزل لا يبطل بالخطأ لأن الموجب لصحة كلامه شرعا قائم مع الخطأ وأما البيع خطأ فلا ينبغى أن يلزم الهزل والكره لأن الشرع بنى لزومه على التراضى مع صحة المعاقدة ولا رضى إلا بعد قصد صحيح.
[قلنا] 1: عقد يلزمنا حكمه بلا شرط رضى وبقى الخيار لعدم الرضى نفسه.
قال: ولنا إذا أسلم الشفعة خطأ بطلت الشفعة لا بالتسليم فإنه يخطئ غير راض به ولكن يترك الطلب كما لو سلمت لوم يلزم ولهذا لم يلزم القاتل الخطأ الكفارة وتحريم الإرث ولو سقط بالخطأ حرمة القتل أصلا ما لزمه حكم القتل المحظور وكذلك الكره