نقول: إن الخطاب المبتنى على شرع الإسلام بأجمعه قد لزم الكفار إلا في مواضع يسيرة أخرجها الشرع من الخطاب لدلائل قامت على ذلك فقد دللنا على هذا الأصل من قبل.

وأما قوله: إن الخطاب قاصر عنهم فهو لفظ باطل والبلوغ إنما هو ببلوغهم رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم وقيام الدليل على صحتها وثبوتها وقد تظاهرت الدلائل القاطعة على ثبوت نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يبق لأحد عذر في العالم بترك قبول الإسلام ولأجل قيام الحجج وتظاهر البراهين والأدلة ينزل جميع الكفار منزلة المعاندين المكابرين ولولا أن الأمر على هذا الوجه لعذروا بالجهل وقد اجتمعت الأمة أنه لا عذر لأحد في شئ من الإسلام وشرعه وإن تعلق متعلق بتقريرهم على كثير من الأشياء فذلك من حكم الوفاء بالعهد لا من حيث قصور الخطاب عنهم في شئ ما وإن تعلق متعلق بالأنكحة فصحتها كان يعارض دليل لا من حيث إن خطاب الشرع قصر عنهم أو لم يبلغهم بل إنما حكمنا بصحتها لأنا لو لم نحكم بصحتها أدى إلى مفسدة عظيمة تعود إلى الإنسان وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم ولد كافر وكذلك عامة الصحابة رضى الله عنهم فإذا قلنا إن أنكحتهم لا تصح إذا عقد على غير شرط الشرع كان يؤدى ذلك إلى اعتقادنا أن النبى صلى الله عليه وسلم وسائر الصحابة خلقوا من أنساب فاسدة محرمة وكان يؤدى ذلك إلى القدح والطعن في أنسابهم وقد ورد الشرع بإثبات نكاحهم نصا. قال الله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] فقد أثبت [كونها زوجته] 1 وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "ولدت من نكاح ولم أولد من سفاح" 2 وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن عبد المطلب" 3 وقال: "نحن بنو النضر بن كنانة" 4 فلمثل هذه الدلائل حملتنا الضرورة على الحكم بصحة أنكحتهم ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015