وعلى هذا يتأول ما ورد في بعض الأخبار: "اختلاف أمتى رحمة" 1 فعلى هذا النوع يحمل هذا اللفظ دون النوع الآخر فيكون لفظا عاما والمراد به خاصا ثم أعلم أنه اختلف العلماء في حكم أقوال هؤلاء المجتهدين وذكر ذلك في ما يسوغ فيه الاجتهاد من المسائل التي اختلف فيها فقهاء الأمصار وظاهر مذهب الشافعى رحمه الله أن المصيب من المجتهدين واحد والباقون مخطئون غير أنه خطأ يعذر فيه المخطئ ولا يؤثم وقد قال بعض أصحابنا: إن هذا قول الشافعى ومذهبه ولا يعرف له قول سواه وقد ذهب إلى هذا القول جماعة من أصحاب أبى حنيفة.

وقال بعض أصحابنا: إن للشافعى قولين. أحدهما: ما قلناه والآخر إن كل مجتهد مصيب وهو ظاهر قول مالك وإليه ذهب أكثر أصحاب أبى حنيفة وزعموا أن قوله هو قول المعتزلة وهو قول أبى الحسن الأشعرى وقال الأصم وابن عليه والمريسى: إن الحق في واحد من أقوال المجتهدين وما خالفه خطأ وصاحبه مأزور مأثوم2. وقال أبو زيد في أصوله: قال فريق من المتكلمين: الحق في هذه الحوادث التي يجوز الفتوى في أحد أحكامها بالقياس والاجتهاد حقوق وكل مجتهد مصيب للحق بعينه. ثم إنهم افترقوا. فقال قوم: إذا لم يصب المجتهد الحق عند الله مكان مخطئا ابتداء وانتهاء حتى أن عمله لا يصح.

وقال علماؤنا: كان مخطئا للحق عند الله مصيبا في حق عمله حتى أن عمله به يقع صحيحا شرعا كأنه أصاب الحق عند الله.

قال: وبلغنا عن أبى حنيفة أنه قال ليوسف بن خالد السمتى: كل مجتهد مصيب والحق عند الله واحد فتبين لك أن الذى أخطأ ما عند الله مصيب في حق عمله.

وقال محمد بن الحسن في كتاب الطلاق: إذا تلاعن الزوجان ثلاثا ثلاثا فرق القاضى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015