والسابع: أن النسخ يختص بعموم الأزمان والتخصيص يختص بعموم الأعيان وبهذا المعنى فرق أصحابنا بين التخصيص والنسخ فقالوا: النسخ تبديل والتخصيص تقليل1.

وهذه الوجوه كلها ذكرها الأصحاب في الفرق وشرح ذلك يعرف في مسائل متفرقة وقد مضى أكثر ذلك.

مسألة: إذا نزل النسخ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت النسخ في حق النبي صلى الله عليه وسلم وفي حق الأمة.

على قول بعض أصحابنا وقال بعضهم لا يثبت ذلك في حق الأمة2 حتى يتصل بهم وتعلق من قال بالوجه الثاني بقصة أهل قباء فإن أهل قباء لما بلغهم نسخ القبلة وقد صلوا بعض صلواتهم فاستداروا كما هم إلى القبلة ومعلوم أنهم كانوا قد فعلوا بعض الصلاة بعد النسخ قبل أن يتصل بهم الخبر ومع ذلك لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة ولأن الله تبارك وتعالى لا يكلف إلا ما يكون في وسع العبد وإذا كلف العبد الشيء قبل أن يعلمه يكون قد كلف ما ليس في وسعه وهو باطل ولهذا المعنى لا يأثم بالتأخير إلى أن يعلم ولو كان الخطاب قد توجه عليه لكان يأثم وحين لم يأثم ثبت ما قلنا.

وأما دليل الوجه الأول أن النسخ محض إسقاط فلا يعتبر فيه علم من سقط عنه كالطلاق والعتاق وهذا لأن دليل النسخ قد قام ولا دليل على اعتبار علم من يعمل النسخ في حقه فإذا لم يكن دليل ثبت النسخ على العموم وهذا لأن الخطاب بالشرعيات ثبت بإثبات الله تعالى فإذا كان الله تعالى رفعه فكيف يبقى ثابتا ولأن النسخ يكون بإباحة محظور والإباحة تكون من الله تعالى ويكون من قبل الله تعالى العبد ثم الإباحة من قبل العبد يثبت حكمها قبل علم العبد بالإباحة مثل أن نقول أبحث ثمرة بستاني لبنى فلان ولم يعلموا بإباحته لهم فتناوله واحد منهم قبل العلم لم يجب الضمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015