بالآحاد1 لضعف الناسخ وقوة المنسوخ وقد ذكرنا طرفا من هذا فأما نسخ القرآن بالسنة فإن كانت السنة أخبار آحاد لم يجز النسخ بها اتفاقا2 أما إذا كانت السنة ثبوتها بطريق التواتر فقد اختلف العلماء في ذلك على ما سنبين.
مسألة: نص الشافعي رحمة الله عليه في عامة كتبه أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة بحال وأن كانت السنة متواترة ثم اختلف الوجه على مذهب الشافعي أنه يمنع منه العقل أو الشرع فالظاهر من مذهبه أنه يمنع منه العقل والشرع جميعا والوجه الثاني أنه منع منها الشرع دون العقل ثم اختلف من قال بهذا فقال ابن شريح أن الذي يمنع منه أن الشرع لم يرد به ولو ورد به كان جائزا وهذا أصح وقال أبو حامد الإسفرائيني الشرع منع منه ولم يكن مجوزا فيه وأما مذهب أصحاب أبي حنيفة أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة وهو قول عامة المتكلمين وقيل أنه اختيار ابن شريح3 واحتج من جوز بالعقل أنه لو لم يجز لكان لنا أن لا نجوز في القدرة أو في الحكمة والأول لا يجوز لأنه معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدر على أنواع الكلام ولو أتى بكلام موضوع لدفع حكم من أحكام الكتاب صح ذلك ودل على ما هو موضوع له والثاني لا يجوز أيضا لأنه لو امتنع في الحكمة لكان وجه امتناعه أن يكون مسفرا عن النبي صلى الله عليه وسلم وموهما أنه صلى الله عليه وسلم يأتي بالكلام من قبل نفسه وهذا لو نفر عنه من حيث أن أزال حكما.