واحتج من قال أن الزيادة على النص نسخ بوجوه من الكلام أكثرها يرجع إلى معنى واحد وهو أن النسخ مأخوذ من الإزالة على ما سبق بيانه والزيادة فيه قد تضمنت الإزالة لأن الجلد قبل الزيادة قد كان كمال الحد فصار بعدها بعض الجلد فقد أزالت الزيادة كون الجلد بعدها كمال الحد وإذا تحقق معنى النسخ ثبت النسخ وقالوا: أيضا أن الجلد قد كان مجزيا وحدة ومن بعد التغريب صار غير مجزي وحده وقد أزالت الزيادة كون الجلد مجزيا وحده وهذا قريب من الأول قالوا: أيضا أن الجلد وحدة كان يتعلق به رد الشهادة فلما زيد التغريب صار لا يتعلق به وحدة ويصير هذا كما لو صرح الخطاب يكون الجلد كل الحد ثم غير يكون نسخا إجماعا كذلك هاهنا يدل علية أن زيادة ركعة على ركعتين يكون نسخا فكذلك بزيادة التغريب على الجلد يكون نسخا وأن منعتم ندل على ذلك فنقول أن هذه الزيادة جعلت وجود الركعتين وحدهما لعدمهما وأوجبت الاستئناف وأزالت الآخر ومن قبل هذا الزيادة لم تكن الركعتان كذلك وهذا هو معنى النسخ.

وأما أبو زيد فال في هذه المسألة أن الزيادة تنسخ معنى لأن الآية جعلت الجلد مائة حد الزنا ومتى كان الجلد حدا مع النفي لم يكن المذكور في الكتاب حدا بنفسه لأن حقوق الله تعالى من العقوبة أو العبادة أو الكفارة لا يتجزيء وجوبها ولا أداؤها ومتى عدم شئ منها لم يكن للباقي حكم الجواز بحال كالركعة من الفجر والركعتين من الظهر إذا فصلت عما بقيت لم يكن ظهرا ولا بعضة ولهذا لو صام شهرا عن كفارة القتل ثم مرض فأراد أن يتمه بالإطعام لم يجز لأن المشروع فيه كفارة صوم شهرين فلا يكون لأحد الشهرين قبل الإتمام بما بقى حكم أداء الواجب بحال وإذا ثبت أن بزيادة التغريب لا يبقى الجلد بنفسه حدا ثبت أنه نسخ وكذلك كفارة اليمين حين جعلت الكفارة رقبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015