فصل: فى معرفة الترجيح بين الأخبار المتعارضة.

اعلم أنه إذا تعارض خبران فلا يخلوا أما أن يمكن الجمع بينهما أو يمكن ترتيب أحدهما على الآخر فى الاستعمال فإنه يفعل أيضا فإن لم يمكن وأمكن نسخ أحدهما بالآخر فإنه يفعل فإن لم يمكن رجح أحدهما على الآخر بوجه من وجوه الترجيح ومثال الخبرين المتعارضين الذى يمكن استعمالهما ما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" 1 وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" 2 فيحمل الحظر على ما قبل الدباغ والإباحة على ما بعد الدباغ فيستعمل السنتان على الوجه الممكن ولأنه يطرح أحدهما بالآخر.

وأما ترتيب أحد الخبرين على الآخر فهو مثل الخاص والعام إذا تعارضا يرتب العام على الخاص وقد ذكرنا هذه المسألة.

وأما الناسخ والمنسوخ فكثير وسيأتى بيانه.

وأما الترجيح لأحد خبرين على الآخر فيدخل من جهة الإسناد ويدخل من جهة المتن.

فأما الترجيح من جهة الإسناد فمن وجوه.

أحدها أن يكون أحد الراويين صغيرا والآخر كبيرا3 فنقدم رواية الكبير لأنه يكون أضبط ولهذا قدم ابن عمر روايته على رواية أنس فى إفراد الحج وقرانه مع العمرة فقال أن أنسا كان صغيرا يتولج على النساء وهن منكشفات وأنا أخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015