مستمر على ممر الدهور وعلى تقلب الاحوال والاطوار بالخلق لا انقضاء وانقطاع له وقد جعل الله تعالى اجتهاد الفقهاء في الحوادث في مدرج الوحى في زمان الرسل صلوات الله عليهم فقد كان الوحى هو المطلوب فى زمان الرسل عليهم السلام كشان أحكام الحوادث وحمل للخلق عليها فحين انقطع الوحى وانقضى زمانه وضع الله تبارك وتعالى الاجتهاد من الفقهاء فى موضع الوحى ليصدر منه بيان أحكام الله تعالى ويحمل الخلق عليها قبولا وعملا ولا مزيد على هذه المنقبة لا متجاوز عن هذه المرتبة:
شاء وزاد الله جنته سؤددا ... وذلك مجد يملأ الحجر واليدا
نعم وما يشبه الفقيه إلا بغواص في بحر در كلما غاص في بحر في بحر فطنته استخرج درا وغيره يستخرج بالخراز وطالب الزيادة في منهج الزيادة معان منصور مطالب الزيادة على مالايزيد عليه مبعد مخذول والله تعالى يفتح عين بصيرة من احب عباده بطوله وفضله ويعمى عين من يشاء بقهره وعدله وقد سبقت منى مصنفات في مسائل الخلاف التي هي بيننا وبين اصحاب الراي نبهت فيها على معاني الفقه واستخرجت لطالبيها قلائد1 وقرائد2 طالما كانوا في طلبها فاعتاصت عليهم إلى أن يسر الله ذلك وتمهدت له قواعدها وطابت لهم مشارعها ونسقت معاني الفقه نسوقا وتعرقت عروقا اظن أن لامزيد عليها ولامحيد للمحققين عنها وقد كان جماعة من اصحابي احسن الله تعالى لهم التولي والحياطة يطلبون مجموعا في أصول الفقه يستحكم لهم بها معانيه ويقوى افرعها ويجتمع اشدها وينسق فروعها ويرسخ أصولها فإن من لم يعرف أصول معاني الفقه لم ينج من مواقع التقليد وعد من جملة العوام وما زلت طول ايامي اطالع تصانيف الاصحاب في هذا الباب وتصانيف غيرهم فرأيت أكثرهم قد قنع بظاهر من الكلام ورائق من العبارة لم يداخل حقيقة الأصول على مايوافق معاني الفقه وقد رايت بعضهم قد اوغل وحلل وداخل غير أنه حاد عن محجة الفقهاء في كثير من المسائل3 وسلك طريق المتكلمين الذين هم أجانب عن الفقه ومعانيه بل لا.