فإنما يتناوله الخطاب بدليل آخر1 وإذا ثبت هذا فخطاب الله تعالى وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم باسم الجمع إنما صار شاملا جميع أهل الإيجاب مع عدمهم عند ورود الخطاب بدليل إجماع الأمة والإجماع فى نفسه دليل قاطع لا شك أنهم عقلوا ذلك حين أجمعوا عليه وقالوا: ما قالوه عن دليل فثبت ما أجمعوا عليه وأن لم ينقل الذى أجمعوا عليه.
مسألة: الأمر بالشيء يدل على أجزائه
وهذا قول جميع الفقهاء2 وذهبت طائفة من المتكلمين أنه لا يدل على أجزائه ولا بد فيه من دليل آخر3 وقال هؤلاء الطائفة لا بد أن نبين المراد من قولنا مجزىء ليصح أن نتكلم عليه قالوا: وعلى أنا لا نريد بقولنا مجزىء أنه يثاب عليه وأنه حلال لأنا نقول أن المأمور لابد أن يكون مثابا عليه ولا بد أن يكون حلا لا لأنه أما أن يكون واجبا أو مندوبا إليه وأيهما كان فلا بد أنه حلال وإنما نريد بقولنا أنه مجزىء أنا إذا قلنا هذه اللفظة فى الصلاة فالمراد بذلك أن القضاء غير لازم فيها فإذا قلناه فى البيع فالمراد أن الملك الصحيح يقع به وإذا قلناه فى الشهادات فالمراد من ذلك أنه يجب على القاضى أن يقضى بها فهذا هو المراد بقولنا مجزىء وإذا عرف هذا نقول أن الأمر لا يقتضى إلا كون المأمور واجبا أو ندبا على خلاف وكونه كذلك لا يمنع كونه مجزئا بل لا متنع أن يكون واجبا أو ندبا ومع ذلك لا يكون مجزئا على المعنى الذى قلناه وهذا كما يقول فيمن ظن أنه على الطهارة وليس على الطهارة وتجب عليه الصلاة وأن كانت الصلاة غير مجزئة وعليه قضاؤها.