قال: رأيت بالبادية شيخا قد سقط حاجباه على عينيه، فسألته عن سنه فقال: مائة وعشرون سنة، فقلت: أرى منك بقية، قال: تركت الحسد، فبقي على الجسد، فقلت له: هل قلت شيئا؟ قال: بيتين في إخواني، فاستنشدته فقال: [من الطويل]
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي … أرحني فقد أفنيت كل خليل
أراك بصيرا بالذين أحبهم … كأنك تنحو نحوهم بدليل
دخل العباس بن الأحنف على الرشيد وعنده الأصمعي، فقال له الرشيد: أنشدنا من ملحك الغريبة، فأنشده: [من الهزج]
إذا ما شئت أن تصن … ع شيئا يعجب الناسا
فصور ههنا فوزا … وصور ثمّ عباسا
ودع بينهما شبرا … وإن زدت فلا باسا
فإن لم يدنوا حتى … ترى رأسهما راسا
فكذبهما وكذبه … بما قاست وما قاسا
فلما خرج العباس .. قال: يا أمير المؤمنين؛ مسترق من العرب والعجم، فقال الرشيد: ما كان من العرب؟ قلت: رجل يقال له: عمر، هوي جارية يقال لها: قمر، فقال يشبّب: [من الهزج]
إذا ما شئت أن تصن … ع شيئا يعجب البشرا
فصور ههنا قمرا … وصور ههنا عمرا
فإن لم يدنوا حتى … ترى بشريهما بشرا
فكذبها بما ذكرت … وكذبه بما ذكرا
فقال: فما كان من العجم؟ قلت: رجل يقال له: فلق-بسكون اللام بين الفاء المفتوحة والقاف-هوي جارية يقال لها: روق، فقال: [من الهزج]
إذا ما شئت أن تصن … ع شيئا يعجب الخلقا
فصور ههنا روقا … وصور ههنا فلقا
فإن لم يدنوا حتى … ترى خلقيهما خلقا
فكذّبها بما لقيت … وكذبه بما يلقا