أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم العنزي الشاعر المشهور، من متقدمي المولّدين، في طبقة بشار بن برد، وأبي نواس، وتلك الطائفة.
حكى أشجع الشاعر المشهور قال: أذن الخليفة المهدي للناس في الدخول، فدخلنا، وأمرنا بالجلوس، فاتفق أن جلس بجنبي بشار بن برد؛ أي: الشاعر المشهور، فسكت المهدي، وسكت الناس، فسمع بشار حسا فقال: من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية، فقال: أتراه ينشد في هذا المحفل؟ فقلت: أحسبه سيفعل، فأمره المهدي أن ينشد فأنشد: [من المتقارب]
ألا ما لسيدتي ما لها … أدلت فأجمل إدلالها
فنخسني بشار بمرفقه وقال: ويحك، أرأيت من ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟ ! حتى بلغ إلى قوله:
أتته الخلافة منقادة … إليه تجرّر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له … ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره … لزلزلت الأرض زلزالها
فقال لي بشار: انظر ويحك يا أشجع؛ هل طار الخليفة عن فراشه؟ قال: فو الله ما انصرف من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية.
ومن شعره أيضا هذه الأبيات في عمرو بن العلاء: [من الكامل]
إني أمنت من الزمان وصرفه … لما علقت من الأمير حبالا
لو يستطيع الناس من إجلاله … لحذوا له جلد الخدود نعالا
إن المطايا تشتكيك لأنها … قطعت إليك سباسبا ورمالا
فإذا وردن بنا وردن خفائفا … وإذا صدرن بنا صدرن ثقالا
فأعطاه سبعين ألفا، وخلع عليه، فغار الشعراء لذلك، فجمعهم فقال: يا معشر