المؤمنين على معصية فتركها؛ خوفا من الله عزّ وجل؟ قال: نعم؛ هويت وأنا شاب جارية، ثم ظفرت بها، وعزمت على ارتكاب الفاحشة منها، ثم ذكرت النار وهولها، وأن الزنا من الكبائر، فأشفقت من ذلك، وكففت عنها؛ مخافة من الله عزّ وجل، فقال ابن السماك: قال الله تعالى: {وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى}، فسرّ هارون بذلك.
وناقش الشيخ اليافعي ابن السماك في ذلك بأن المراد من الآية: الخوف من الله، ونهي النفس عن ارتكاب الكبائر إلى الممات، أما من وقع منه ذلك، ثم أعقبه الوقوع في الكبائر؛ فإن مات على الإسلام .. فهو تحت المشيئة، وإن مات على الكفر-والعياذ بالله - .. فهو من أهل النار، وهو المراد بالآية الأولى {فَأَمّا مَنْ طَغى} إلى آخرها (?).
يحكى أن ابن السماك وعظ يوما فأعجبه وعظه، فرجع إلى منزله، فنام فسمع قائلا يقول: [من الكامل]
يا أيها الرجل المعلم غيره … هلا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها … فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
وأراك تلقح بالرشاد عقولنا … قولا وأنت من الرشاد عديم
تصف الدواء لذي السقام من الضنا … ومن الضنا والداء أنت سقيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم
فانتبه، وآلى على نفسه ألا يعظ شهرا.
توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة.
السيد أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم.