ولما قتل الوليد .. رثته أخته المذكورة بقولها: [من الطويل]

أيا شجر الخابور ما لك مورقا … كأنك لم تحزن على ابن طريف

فتى لا يحبّ الزاد إلا من التقى … ولا المال إلا من قنى وسيوف

ولا الذخر إلا كل جرداء صلدم … معاودة للكرّ بين صفوف

كأنك لم تشهد هناك ولم تقم … مقاما على الأعداء غير خفيف

حليف الندى ما عاش يرضى به الندى … فإن مات لا يرضى الندى بحليف

فقدناك فقدان الشباب وليتنا … فديناك من دهمائنا بألوف

وما زال حتى أزهق الموت نفسه … شجى لعدو أو نجى لضعيف

ألا يا لقومي للحمام وللبلى … وللأرض همت بعده برجوف

وللبدر من بين الكواكب إذ هوى … وللشمس لما أزمعت بكسوف

ولليث كل الليث إذ يحملونه … إلى حفرة ملحودة وسقيف

ألا قاتل الله الحشا حيث أضمرت … فتى كان للمعروف غير عيوف

فإن يك أرداه يزيد بن مزيد … فرب زحوف لفها بزحوف

عليه سلام الله وقفا فإنني … أرى الموت وقّاعا بكل شريف

بتلّ نباثى رسم قبر كأنه … على جبل فوق الجبال منوف

تضمن مجدا عدمليّا وسؤددا … وهمة مقدام ورأي حصيف

والخابور: نهر معروف يصب في الفرات، وعلى هذا النهر مدن صغار تشبه الكبار في عمارتها، وقوة أسواقها، وكثرة خيرها، وقال بعضهم: إنه في بلاد الصين، وهو موضع الوقعة.

وطريف: بفتح الطاء وكسر الراء وسكون المثناة من تحت بعدها فاء.

وقولها: (فتى لا يحب الزاد إلا من التقى) قال الشيخ اليافعي: (ظاهر البيت التناقض؛ فإن حصول المال بالقنى والسيوف ظاهره القتل والقتال، ونهب الأموال، وهو مناقض للتقوى المذكور في صدر البيت، قال: والجواب فيما يظهر: ألاّ تناقض فيه على مذهب الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالذنب، ويرون الخروج عليهم، والدليل على كونه من الخوارج ما كان ينشده يوم المصاب: [من الرجز]

أنا الوليد بن الطريف الشاري … قسورة لا يصطلى بناري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015