وتوسط شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجد رحمه الله فقال (?):

وللحريري قصيدة في تفضيل الغنى على الفقر يقول فيها: [من البسيط]

وانظر بعينك هل أرض معطّلة … من النّبات كأرض حفّها الشّجر

فعدّ عمّا تشير الأغبياء به … فأيّ فضل لعود ما له ثمر

وارحل ركابك عن ربع ظمئت به … إلى الجناب الذي يهمي به المطر

وقد عارضه الشيخ اليافعي بقصيدة طويلة فضل فيها الفقر على الغنى، وكذا عارضه في بيتي الزيارة بأبيات فصل فيها تفصيلا طويلا) (?).

يقال: إن الحريري كان دميما، قبيح المنظر، فجاءه شخص غريب يزوره ويأخذ عنه شيئا من شعره، فلما رآه .. استزرى شكله، ففهم الحريري ذلك منه، فلما التمس أن يملي عليه .. قال: اكتب: [من البسيط]

ما أنت أوّل سار غرّه قمر … ورائد أعجبته خضرة الدّمن

فاختر لنفسك غيري إنّني رجل … مثل المعيديّ فاسمع بي ولا ترني

فخجل الرجل منه وانصرف، والمعيدي-بضم الميم، وفتح العين، وسكون المثناة من تحت، ثم دال مهملة مكسورة-رجل منسوب إلى معد بن عدنان، وقد نسبوه بعد أن صغروه وخففوا منه الدال، وفيه جاء المثل المشهور: (لأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) وهذا المثل يضرب لمن له صيت وذكر، ولا منظر له، قال المفضل الضبي: أول من تكلم به المنذر بن ماء السماء، قاله لشقّة بن ضمرة التميمي الدارمي، وكان قد سمع بذكره، فلما رآه .. اقتحمه، فقال المنذر: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال له شقة: أبيت اللعن؛ إن الرجال ليسوا بجزر يراد منها الأجسام، إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، فأعجب المنذر ما رأى من عقله وبيانه.

ولد الحريري سنة ست وأربعين وأربع مائة، وكان يسكن في سكة بني حرام بالبصرة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015