وقال علي رضي الله عنه:
لا يستوي من يعمل المساجدا … يدأب فيها قائما وقاعدا
ومن يرى عن الغبار حائدا
ودخل عمار بن ياسر مثقلا باللّبن، فقال: يا رسول الله؛ قتلوني؛ يحملون عليّ ما لا يحملون، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينفض عنه التراب ويقول: «ويح ابن سميّة -وهي أم عمار-ليسوا بالذين يقتلونك، إنما تقتلك الفئة الباغية» (?).
وبناه صلّى الله عليه وسلم مربعا، طوله سبعون ذراعا في ستين أو أزيد، وجعل قبلته إلى بيت المقدس، وجعلوا له ثلاثة أبواب، ولم يسطحوه، فشكوا الحرّ، فجعلوا خشبه وسواريه جذوعا، وظللوا بالجريد، ثم بالخصف، فلما وكف .. طيّنوه بالطين، وجعلوا وسطه رحبة (?)، وكان جداره قبل أن يظلل قامة وشبرا، وبقي كذلك إلى خلافة عمر، فزاد فيه كما سيأتي.
وفيها: آخى النبي صلّى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وجملة من تآخى من الفريقين تسعون رجلا، خمسة وأربعون من المهاجرين، ومثلهم من الأنصار، وقيل:
جملتهم ثلاث مائة، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه، فآووهم في منازلهم، وقاسموهم في أموالهم، وآثروهم بأقواتهم، وبلغوا المكاره دونهم، وصار أحدهم أرأف وأرحم بنزيله وأخيه في الدين من أخيه في النسب، كما قيل: [من الطويل]
أبوا أن يملّونا ولو أنّ أمّنا … تلاقي الذي يلقون منّا لملّت
قلت: ثم بعد مدة وجدت بخط شيخ مشايخنا جدي القاضي جمال الدين صاحب «التاريخ» معلقا (?): قال الإمام الشافعي في «الأم»: (حدثني بعض أهل العلم: أن أبا بكر رضي الله عنه قال: ما وجدت لنا ولأهل هذا الحي من الأنصار مثلا إلا ما قال: طفيل الغنوي: [من الطويل]