أَو زَالا مَعًا
الثَّالِث أَن يكون مأخوذا من قَوْلهم نسخت الْكتاب إِذا نقلته حاكيا للفظه وحروف هجائه
قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْمَعْرُوف بمكي فِي كِتَابه النَّاسِخ والمنسوخ وَهَذَا الْوَجْه لَا يَصح أَن يكون فِي الْقُرْآن وَأنكر على جَعْفَر أَحْمد بن النّحاس حَيْثُ أجَاز أَن يكون فِي الْقُرْآن وَاحْتج بِأَن النَّاسِخ فِيهِ لَا يَأْتِي بِلَفْظ الْمَنْسُوخ وَإِنَّمَا يَأْتِي بِلَفْظ آخر
وانتصر صَاحب كتاب الإيجاز لِأَبْنِ النّحاس فَقَالَ وَالَّذِي قَالَه أَبُو جَعْفَر قَرِيبا مُسْتَعْملا فِي كتاب الله قَالَ تَعَالَى {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} وَقَالَ {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب لدينا} الْآيَة وَمَعْلُوم أَن مَا نزل من الْوَحْي هُوَ مَا فِي أم الْكتاب وَهُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ كَمَا قَالَ تَعَالَى
{فِي كتاب مَكْنُون لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} وَمِنْه ينْقل مَا ينزل
قَالَ تَعَالَى {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب} فَهَذَا أدل دَلِيل على جَوَاز النّسخ فِي كتاب الله تَعَالَى يَعْنِي بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور
فالقرآن على هَذَا التَّأْوِيل مَنْسُوخ من أم الْكتاب مَنْقُول بالخط وحروف الهجاء وَأم كل شَيْء فِي كَلَام الْعَرَب أَصله
وَأم الْكتاب اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَالَّذِي علل بِهِ مكي وَاعْترض لَا يبطل اسْتِعْمَال هَذَا الْوَجْه ومجيئه
قلت وَفِي جَوَاب صَاحب الإيجاز عَن ابْن النّحاس ليرد مَا قَالَه مكي نظر فَأن هَذَا أَمر مُتَّفق عَلَيْهِ
وَالْقُرْآن بِهَذَا الْمَعْنى كُله مَنْسُوخ لِأَنَّهُ نسخ من اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَي نقل مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ بِمُرَاد مكي فَأَنَّهُ لَا يجهل ذَلِك وَلَا يَسعهُ إِنْكَاره