وسرى للنسيم نشر ذكيٌّ ... يملأ الخافقين شرقًا وغربا
مندليٌّ كأنَّما كان فرع الدُّ ... وح مغف فعندما هبَّ هبَّا
ينثر الزَّهر عنه فأعجب لفود ... شاب طفلاً وفي الكهولة شبَّا
وتلاقت وصفحة الماء ريح ... كرَّ منها بردًا وأحجم رعبا
واصلته فصار كالدِّرع جعدًا ... وجفته فصار كالنَّصل عضبا
أشبه الصِّلَّ رقشةً والتواءً ... ونفاراً وخالف الصِّلَّ لسبا
بات من سمِّه السَّليم سليمًا ... طاب نفسًا فلا يحاول طبَّا
فهو أصفى من الهواء أديماً ... بين درَّين من حباب وحصبا
ولدينا بريكة يطلق الماء ... أنابيبها الشَّحيحة غصبا
كصفاء المرآة مرأي وكالحـ ... بِّ حبابًا وأدمع الصَّبِّ صبَّا
/136 ب/ فهي كالشَّمس حولها دارة البد ... ر أحاطت بها الكواكب شهبا
كلَّما أنبتت عليها الأنابيـ ... ب غصونًا ترجرج الموج كثبا
بينهما تستوي ولا المرد هيفًا ... إذ غدت تنثني ولا الشِّيب حزبا
كالأفاعي من الثَّرى نفرت ظمت ... أي أكبَّت تبغي من الماء شربا
مدةَّ صائغ الفضاء قضيبًا ... من لجين وعاد يلويه قلبا
وعليها الإوزُّ كالسُّفن أشكا ... لاً وجريًا والروَّض زهرًا وعشبا
وله يصف شمعة: [من الكامل]
يا صاح لو أبصرت شمعتنا ... ليلًا تذوب ضنًى وتلتهب
لحسبتها والرِّيح وانية ... صلاًّ ينقنض وهو منتصب
أو صعدة من فضَّ ركزت ... في ربوة وسنانها وذهل
وقال أيضًا: [من الطويل]
ألا بأبي من لا أسمِّيه غيرةً ... عليه ولا ألقاه إلَّا مقطِّبا
وددت بان لوزارني متحننا ... ولا أزورَّ عنِّي معرضًا متجنِّبا
تبسم عن أغلى من الدُّر قيمةً ... ولاِّظ عن أمضى من السَّيف مضربا
/137 أ/ يطار حني للعجب إَّبان عتبه ... فيسمعني لفظًا حكى الدُّرًّ معربا
ويبعث من فرط الدَّلال بصدغه ... فيرخيه ثعبانًا ويلويه عقربًا