لم أسمع شعره إلاَّ من الصاحب الإمام أبي القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الفقيه بحلب - أدام الله سعادته - لأنَّه لمَّا عاد قافلاً من ديار مصر إلى حلب في سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وكان سافر إليها رسولاً من قبل السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد بن غازي بن يوسف – خلَّدا الله ملكه – فاقام يها نحو ستة أشهر؛ فدخلت إليه مهنئاً بالقدوم والسلامة، وتجارينا في الأحاديث والمذاكرة.

ثم سألته عن من شاهد ولقي بتلك الديار من الشعراء الذين يشار إليهم ني الشعر المستجاد؛ فذكر لي جماعة كثيرة منهم هذا الجزّار الشاعر، وأثنى علي شعره، وتمكنه من استنباط المعاني اللطاف ووصفه بالشاعر البارع، وأنَّة لم يكن له نظير في زمانه، وذكره ذكراً جميلاً.

ثم أشار إلى بعض غلمانه فأتاه بكتاب فدنعه إليّ؛ ؟ وهو مجلد لطيف الحجم من أشعار الجزار سمَّاه /237 أ/ "تقطيف الجَّزار" قد كتبه ناظمه خدمةً له وسمعه منه جميعه. يشتمل علي أغراض غريبة، ونكت طريفة من مديح وهجاء ومجون وهزل، وأغراض مختلفة النعوت والأوصاف ناستطرفته جداً، واقتضبت من أثنائه ما ينبغي أن يسطر ويثبت؛ فمن ذلك قوله يمدح أمير المؤمنين المستنصر بالله أبا جعفر المنصور بن محمد بن أحمد - رضي الله عنه-: [من الكامل]

بمدائح المستنصر بن محَّمد ... نافست كلَّ مرجز ومقصَّد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015