وكان من أولاد الأمراء الأجناد، وذوى العدَّة والعتاد. وكان أبوه –رحمه الله – وأدركته، من المشهورين بإربل فى زمن الحاجب أبى منصور سرفتكين ابن عبدالله – متوليها – يقوم إذا غاب عنها، ولا يتخلف عنه إذا عاد إليها.

أولد خمسة من البنين لم يكن /158 أ/ فيهم أبرع منه ولداً ولا أكثر سؤددا. وكان ربما قرض البيتين الأبيات من الشعر، سلامة طبع جبل عليها، وصحة خاطر هداه الظرف إليها، وأنا ذاكر جميع ما وقفنى عليه من ذلك عن آخره.

وكانت وفاته بعد عشاء الآخرة من الليلة المسفرة عن الأحد الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وستمائة بإربل، فأسكنه الله فسيح جنانه، وأورده موارد غفرانه،

فى نعيم غير منقطع أمده، وثواب لا يحصى عدده.

وكان مولده بإربل فى شهر رمضان سنة ستين وخمسمائة، وسمع الحديث على أبى المعالى نصر الله بن سلامة الهيتى، وأبى المعالى صاعد بن على بن عمر الواسطى الواعظ،

وأبى المظفر المبارك بن طاهر بن المبارك الخزاعى البغدادى وغيرهم.

ومن شعره ما انشدنى الصاحب الوزير أبو البركات المستوفى الإربلى بها – رحمة الله عليه – فى خمس وعشرين وستمائة، قال: أنشدنى أبو الرأى هارون بن الحسين لنفسه:

[من البسيط]

/158 ب/ ى موقد النَّار فى قلبى وفى كبدى ... هلاَّ رحمت قتيل الهمِّ والكمد

هلاَّ عطفت على صبٍّ اسير هوًى ... مغرى بحبِّك فى قرب وفى بعد

يفنى الزَّمان ولا تفنى صبابته ... مخيراً فيك بين الَّشًوق والسٌّهد

كن كيف ما شئت لا صبر ولا جلد ... لم يبق هجرك لا صبرى ولا جلدى

وانشدنى أيضاً، قال: أنشدنى هارون بن الحسين لنفسه: [من الطويل]

ينام خلىٌّ القلب من ليس عنده ... ... من الشوق ما تطوى عليه اضالعى

لقد لامنى الواشون فيمن احٌّبه ... ولكنَّ دون العذل سدَّت مسامعى

كتمت الهوى خوف الوشاة ولومهم ... فنمت عليه جاريات مدامعى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015