أخبرني الصاحب الإمام أبو القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الفقيه الحنفي العقيليّ بحلب –أيده الله تعالى- قال: أخبرني أبو محمد عبد العظيم بن أبي الأصبع العدواني الشاعر المصري, قال: أخبرني جلال الدين المكرّم أبو الحسن موسى بن الحسن بن سناء الملك بالقاهرة, قال /106 ب/ دخلت على القاضي السعيد أبي القاسم هبة الله بن سناء الملك في مرضه الذي مات فيه, فلما رآني بكى وأشار إليّ فجلست وأخذت في تسليته, وقلت له فيما قلته: لقد رأيت الدنيا ونلت من ملاذّها ما لم ينله غيرك من أهل بيتك حتى أنك اتخذت لنفسك فراشا من العنبر, وأنت اليوم فعلى قدم خير. وكان قد تاب قبل موته بسنة, وحسنت حاله, فأشار إلى الدواة, مقال لي: كتب, وأملى على (1): [من المسرع]

أحسنت الدّنيا الّتي استرجعت ... منّي تلك الحالة الفاخره

ما شغلت بالي بتقبيحها ... إذ فرّغت قلبي للآخره

قال: فقلت له: أذكر الله, فقال: أنا في ذكره, قال: فما خرجت من عنده إلى الباب حتى مات.

قال ابن أبي الإصبع: وكنت سألت أبا الحسن المكرّم عن قوله: اتخذت لنفسك فراشا من العنبر, فقال: كان قد اتخذ له فراشا شربا ببطانة وظهارة, وأذاب العنبر مع المسك والعود /107 أ/ على النار, وطلى البطانة والظّهارة به, ثم اتخذ العنبر تماثيل وحعلها عليها شبيها بالنقش, وكان ينام فيه. وكانت يوم وفاته الأربعاء الرابع من رمضان سنة ثمان وستمائة. وكان مولده –فيما بلغني- في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

أنشدني أبو منصور المظفّر بن يوسف بن أبي منصور العصافيري الموصليّ بها , قال: أنشدني القاضي السعيد ابن سناء الملك لنفسه بمصر من موشحاته (2):

يا من بكيت على الدّمن ... من أجلها أسفا وحزنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015