أبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان النحوي البغدادي، وسمع الحديث بأخرة.

وتولي الخزانة لسيف الدين غازي بن مودود بن زنكي، ثم ولاء ديوان الجزيرة وأعمالها، ثم عاد إلي الموصل، فناب في الديوان عن الوزير جلال الدين أبي الحسن علي بن الوزير جمال الدين أبي جعفر محمد بن علي بن أبي منصور الاصفهاني؛ ثم اتصل بمجاهد الدين قايماز أيضًا، فنال عنده درجة رفيعة، فلما قبض علي مجاهد الدين، اتصل بخدمة أتابك عز الدين مسعود بن مودود إلي أن توفي؛ فتعلق بخدمة ولده أتابك نور الدين أبي الحارث أرسلان شاه. وصار واحد دولته حقيقة، بحيث إنّ السلطان نور الدين كان يقصد منزله في مهام نفسه، ولا يرد ولا يصدر إلًا عن رأيه ويشاوره في الأمور وكتب له الإنشاء.

وكان أقعد في آخر أيامه، وعجز عن الحركة، واشتدّ به المرض، فكان النهوض يصعب عليه؛ فلم يزل كذلك إلي أن توفي ضاحي نهار يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة ست وستمائة بالموصل، ودفن بداره التي وقفها علي الصرفية، وجعلا رباطًا داخل المدينة.

وكان له اليد الباسطة في الترسل وكتابة الإنشاء، وكان حاسبًا كاتبًا ذكيًا فاضلًا عالمًا في عدّة علوم، مشاركًا فيها؛ كالفقه، والأصولين، والحديث والقرآن، والعربية واللغة، وصحة الحديث وسقمه، ومشايخه؛ وصنف في كل ذلك تصانيف مفيدة نافعة، هي مشهورة بالموصل، مرغوب فيها.

وكان ذا عقل تام، ورأي سديد، وخبرة بأمر الدول، ينتاب الناس منزله لسماع مصنفاته، والاستضاءة برأيه، والاستعانة بجهده، ومن مصنفاته: كتاب "النهاية في شرح غريب الحديث"، أجاد تصنيفه، وكتاب "جامع الأصول في أحاديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015