خَلَقَ الإنسانَ، ويَعلمُ ما تُوَسْوِسُ به نفسُه، وهو أَقرَبُ إليهِ مِن حَبْلِ الوَرِيدِ، وما تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إلاَّ يَعلَمُها، ولاَ حَبَّةٍ في ظُلُمَات الأرضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِس إلاَّ في كتاب مُبين.
على العَرشِ اسْتَوى، وعَلى المُلْكِ احْتَوى، وله الأسماء الحُسنى والصِّفاتُ العُلَى، لَم يَزَل بِجَميعِ صفاتِه وأسمائِه، تَعالى أن تكونَ صفاتُه مَخلوقَةً، وأسماؤُه مُحْدَثَةً.
كلَّم موسى بكلامِه الَّذي هو صفةُ ذاتِه، لا خَلْقٌ مِن خَلقِه، وَتَجَلَّى للجَبَل فصار دَكًّا مِن جلالِه، وأنَّ القرآنَ كلامُ الله، ليس بمخلُوقٍ فيَبِيدُ، ولا صفة لمخلوقٍ فَيَنْفَدُ.
والإيمانُ بالقَدَرِ خَيْرِه وشَرِّه، حُلْوِهِ وَمُرِّهِ، وكلُّ ذلك قَد قَدَّرَهُ اللهُ رَبُّنا، ومقاديرُ الأمورِ بيدِه، ومَصدَرُها عن قضائِه.
عَلِمَ كلَّ شيْءٍ قَبل كَونِه، فجَرَى على قَدَرِه، لا يَكون مِن عبادِه قَولٌ ولا عَمَلٌ إلاَّ وقدْ قَضَاهُ وسبق عِلْمُه به، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
يُضِلُّ مَن يشاء، فيَخْذُلُه بعدْلِه، ويَهدي مَن يَشاء، فَيُوَفِّقُه بفضلِه، فكَلٌّ مُيَسَّرٌ بتَيْسيره إلى ما سَبَقَ مِن علمه وقَدَرِه، مِن شَقِيٍّ أو سعيدٍ.
تعالَى أن يكونَ في مُلْكِهِ ما لا يُريد، أو يكونَ لأَحَد عنه غِنًى خالقاً لكلِّ شيءٍ، ألاَ هو1 رَبُّ العباد ورَبُّ أعمالِهم، والمُقَدِّرُ لِحَركاتِهم وآجالِهم.
الباعثُ الرُّسُل إليهِم لإقَامَةِ الحُجَّةِ عَلَيهم.