القرطبي في كتاب شرح أسماء الله الحسنى، فقال: ذكر أبو بكر الحضرمي من قول الطبري يعني محمد بن جرير وأبي محمد بن أبي زيد وجماعة من شيوخ الفقه والحديث، وهو ظاهر كتاب القاضي عبد الوهّاب عن القاضي أبي بكر وأبي الحسن الأشعري، وحكاه القاضي عبد الوهاب عن القاضي أبي بكر نصًّا، وهو أنَّه سبحانه مُستوٍ على عرشِه بذاته، وأطلقوا في بعض الأماكن فوق خلقه.
قال: وهذا قولُ القاضي أبي بكر في تمهيد الأوائل له، وهو قولُ أبي عمر بن عبد البر، والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيّين، وقول الخطّابي في شعار الدِّين.
وقال أبو بكر محمد بن موهب المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد: قوله إنَّه فوق عرشه المجيد بذاته، معنى (فوق) و (على) عند جميع العرب واحدٌ، وفي كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم تصديقُ ذلك، ثمَّ ذكر النصوصَ من الكتاب والسنة واحتجَّ بحديث الجارية وقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها: (أين الله؟) وقولها: (في السماء) ، وحكمه بإيمانها، وذَكَر حديثَ الإسراء، ثمَّ قال: وهذا قول مالك فيما فهمه عن جماعةٍ مِمَّن أدرك من التابعين، فيما فهموا من الصحابة فيما فهموا عن نبيِّهم صلى الله عليه وسلم: أنَّ اللهَ في السماء بمعنى فوقها وعليها، قال الشيخ أبو محمد: إنَّه بذاته فوق عرشه المجيد، فتبيَّن أنَّ علوَّه على عرشه وفوقه إنَّما هو بذاته، إلاَّ أنَّه بائنٌ من جميع خلقه بلا كيف، وهو في كلِّ مكان من الأمكنة المخلوقة بعلمه لا بذاته، لا تحويه الأماكن؛ لأنَّه أعظمُ منها، إلى أن قال: وقوله: على العرش استوى، إنَّما معناه عند أهل السنَّة على غير معنى الاستيلاء والقهر والغلبة والملك، الذي ظنَّت المعتزلةُ ومَن قال بقولهم أنَّه معنى الاستواء، وبعضُهم يقول إنَّه على