الأول قول عباد الجهمية. فمتكلمة الجهمية لا يعبدون شيئا، وعباد الجهمية يعبدون كل شيء، وكلامهم يرجع إلى التعطيل والجحود، الذي هو قول فرعون. وقد علم أن الله كان قبل أن يخلق السماوات والأرض ثم خلقهما فإما أن يكون داخلا فيهما وهذا حلول باطل، وإما أن يكونا داخلين فيه، فهو باطل وأبطل، وإما أن يكون الله بائنا عنهم لم يدخل في شيء ولم يدخل فيه شيء، وهذا قول أهل الحق والتوحيد والسنة.
ولأهل الجحود والتعطيل في هذا الباب شبهات يعارضون بها كتاب الله وسنة رسوله، وما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، وما فطر الله عليه عباده، وما دلت عليه الدلائل العقلية، فإن هذه الأدلة كلها متفقة على أن الله فوق مخلوقاته، عال عليها، قد فطر الله على ذلك العجائز والأعراب والصبيان في الكتاب كما فطرهم على الإقرار بالخالق تعالى وقد قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّم في الحديث الصحيح: «كلُّ مولود يولد على الفطرة - أي فطرة الإسلام - فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء» ثم يقول أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] الروم: [30] (?) وهذا معنى قول عمر بن عبد العزيز: