ولنعم ما قيل:
إن القلوب يد الباري تقلبها ... فلتسأل الله توفيقًا وتثبيتا
من يضلل الله لا تهديه موعظة ... وإن هديت فبالأخبار أُنبيتا
فهذه غربة الإسلام أنت بها ... فكن صبورًا ولو في الله أوذيتا
فهذه الأقاويل التي وصفت، مذاهب أهل السنة والأثر، وأصحاب الرواية، وحملة العلم النبوي، فمن خالف شيئًا من هذه، أو طعن فيهم، أو عاب قائلها، فهو مخالف مبتدع، خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السنة، وسبيل الحق.
وما ذكرته من العقائد، ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشأته، ليحفظه، ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره، شيئًا فشيئًا، ومن فضل الله على قلب الإنسان أن شرحه في أول نشأته للإيمان، من غير حاجة إلى حجة وبرهان، فلا بد من إثباته في نفس الصبي، والعامي، حتى يترسخ ولا يتزلزل.
وليس الطريق في تقويته وإثباته، أن يعلم صفة الكلام والجدال، بل يشتغل بتلاوة القرآن وقراءة الحديث، ومعانيه، ويشتغل بوظائف العبادات، فلا يزال اعتقاده يزداد رسوخًا بما يقرع سمعه من أدلة القرآن وحججه، وبما يَرِد عليه من شواهد الأحاديث وفوائدها، وبما يسطع عليه من أنوار العبادة ووظائفها.
وينبغي أن يحرس سمعه من الجدال والكلام غاية الحراسة، فإن ما يشوشه الجدل أكثر مما يمهده، وما يفسده الكلام أكثر مما يصلحه، وقد كتبنا في ذم الكلام رسالة سميناها "قصد السبيل في ذم الكلام والتأويل" (?) .
وناهيك بالعيان برهانًا فقس عقيدة أهل الصلاح والتقى من عوام الناس بعقيدة المتكلمين والمجادلين، ترى اعتقاد العامي في الثبات كالطود (?) الشامخ، لا تحركه،