وَقَالَ عز وَجل: {وَإِذا قيل لَهُم اتبعُوا مَا أنزل الله قَالُوا بل نتبع مَا وجدنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} .
وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم من هَذَا الْجِنْس آيَات كَثِيرَة، وَهِي وَإِن كَانَ موردها فِي الْكفَّار، فَالْمُرَاد بهَا، وبأمثالها ذمّ من أعرض عَمَّا أنزلهُ الله سُبْحَانَهُ، وَأخذ بقول سلفه. وَاللَّفْظ أوسع مِمَّا هُوَ سَبَب النُّزُول وَالِاعْتِبَار بِهِ كَمَا تقرر فِي الْأُصُول. فَمن وَقع مِنْهُ الْإِعْرَاض عَمَّا شَرعه الله، وَقدم عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ سلفه فَهُوَ دَاخل تَحت عُمُوم هَذِه الْآيَات.
وَمِمَّا يدل على ذمّ التَّقْلِيد قَوْله سُبْحَانَهُ: {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} والمقلد قد قفا مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {اتبعُوا مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم وَلَا تتبعوا من دونه أَوْلِيَاء} . والمقلد لَا يدْرِي بِمَا أنزل الله حَتَّى يتبعهُ، بل تبع الرَّأْي وَهُوَ غير مَا أنزل الله، وَاتبع من دونه من قَلّدهُ فقد اتبع من دونه أَوْلِيَاء، والمقلد أَيْضا لَا علم لَهُ، فَإِذا أَخذ بِرَأْي من قَلّدهُ كَانَ ذَلِك من التقول على الله بِمَا لم يقل وَمن الرَّد إِلَى غير الله وَرَسُوله، وَقد قَالَ سُبْحَانَهُ: {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَالْإِثْم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ} .