مَا من بِهِ على أَنْوَاع من مخلوقاته، فَإِن الشجَاعَة الَّتِي جعلهَا فِي الْأسد لَا يقوم لَهَا من بني آدم الْعدَد الْكثير، وَتلك موهبة من الله سُبْحَانَهُ، وَهَكَذَا كثير من أَنْوَاع الْحَيَوَان يخْتَص هَذَا بِالْقُوَّةِ الباهرة، وَهَذَا بالجسم الوافر وَهَذَا بِحسن التَّرْكِيب، وَهَذَا بالطيران فِي الْهَوَاء، وَهَذَا بِالْمَشْيِ فِي قَعْر الْبَحْر، وَالتَّصَرُّف لما يحْتَاج إِلَيْهِ فِي أمواج المَاء.
وَكم يعد الْعَاد من تفضلات الْملك الْجواد جلَّت قدرته، فسبحانه مَا أعظم شَأْنه وأعز سُلْطَانه وأجلّ إحسانه.
وَهَذَا عَارض من القَوْل اقْتَضَاهُ تقريب مَا يتفضل الله بِهِ على خلص عباده إِلَى الأذهان الجامدة، والطبائع الراكدة حَتَّى تتزلزل عَن مَرْكَز الْإِنْكَار، وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار.
وَمن نظر إِلَى مَا وهبه الله سُبْحَانَهُ للصحابة رَضِي الله عَنْهُم، لم يستبعد شَيْئا مِمَّا وهبه الله عز وَجل لأوليائه ويصعب الْإِحَاطَة بِأَكْثَرَ ذَلِك فضلا عَن كُله. وَقد قدمنَا الْإِشَارَة إِلَى كراماتهم إِجْمَالا، وَنَذْكُر الْآن بعض كراماتهم على التَّفْصِيل وَالتَّعْيِين.
فَمِنْهَا أَن أسيد بن حضير رَضِي الله عَنهُ كَانَ يقْرَأ سُورَة الْكَهْف فَنزلت