إِظْهَار التذلل لمن يُرَاد تَعْظِيمه. وَقيل: هُوَ تَعْظِيم من فَوْقه لفضله " انْتهى.
فَانْظُر هَل يَصح إِطْلَاقه على الرب عز وَجل على كلا الْمَعْنيين؟ . فَلَعَلَّهُ سهى عَن أول الْبَاب.
وَأما تواضع الْعباد مَعَ بَعضهم الْبَعْض، فَهُوَ الممدوح المرغب فِيهِ كَمَا ذكره فِي الحَدِيث الَّذِي اسْتدلَّ بِهِ فِي آخر الْبَحْث " إِن الله أوحى إِلَيّ أَن تواضعوا حَتَّى لَا يفخر أحد على أحد "، فَإِن المُرَاد تواضع الْعباد [لبَعْضهِم] الْبَعْض حَتَّى لَا يفخر أحد على أحد.
وَأما حَدِيث: " من تواضع لله رَفعه الله " الخ. فَالْمُرَاد تواضع لعباد الله لأجل الرب سُبْحَانَهُ امتثالاً لما أرشد إِلَيْهِ رَسُوله، أَو يكون المُرَاد بِهِ (التَّوَاضُع لكتابه ولسنة رَسُوله ولعلماء أمته وَلَا بُد من هَذَا فَإِن الله) أعظم وَأجل من أَن يتواضع لَهُ الْعباد، فَيكون معنى قَوْله من تواضع لله من تواضع لأجل الله عز وَجل. وَمن هَذَا الْقَبِيل من تصدق لله، من أحب لله، وَأبْغض لله. وَنَحْو ذَلِك كثير.
وَإِذا عرفت هَذَا كَانَ هَذَا الْوَجْه الَّذِي ذكره ابْن حجر أحسن مَا يحمل عَلَيْهِ تَرْجَمَة البُخَارِيّ، لَكِن بِدُونِ ذَلِك التقيد إِلَّا أَن يُرِيد هَذَا الْمَعْنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ، فَيكون