فِيهِ فَائِدَة جليلة هِيَ أَن الْمُؤمن قد يكره الْمَوْت وَلَا يخرج بذلك عَن رُتْبَة الْإِيمَان الجليلة، وَلَا يُنَافِي ذَلِك أَن شَأْن الْمُؤمن أَن يحب لِقَاء الله سُبْحَانَهُ، كَمَا ورد فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة لوُقُوع الْبَيَان فِيهَا بِأَن محبَّة لِقَاء الله لَا نستلزم أَن لَا يكره صَاحب هَذِه الْمحبَّة الْمَوْت، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم:
(من أحب لِقَاء الله، أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه فَقلت يَا نَبِي الله أكراهية الْمَوْت فكلنا نكره الْمَوْت؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِك، وَلَكِن الْمُؤمن إِذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لِقَاء الله فَأحب الله لقاءه، وَأَن الْكَافِر إِذا بشر بِعَذَاب الله وَسخطه كره لِقَاء الله، وَكره الله لقاءه ".
وَأخرج أَحْمد بِرِجَال الصَّحِيح وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم:
(من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه، قُلْنَا يَا رَسُول الله: كلنا نكره الْمَوْت. قَالَ: لَيْسَ ذَاك كَرَاهِيَة الْمَوْت، وَلَكِن الْمُؤمن إِذا حضر جَاءَهُ البشير من الله فَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ من أَن يكون قد لَقِي الله فَأحب الله لقاءه، وَإِن الْفَاجِر وَالْكَافِر إِذا حضر جَاءَهُ مَا هُوَ صائر إِلَيْهِ من الشَّرّ، أَو مَا يلقى من الشَّرّ، فكره لِقَاء الله فكره الله لقاءه ".