الْحَنَابِلَة فِيمَا ورد عَنْهُم من ذَلِك مجلداً بسيطاً.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقَوْل بالتخصيص بِغَيْر مُخَصص هُوَ من التقول على الله بِمَا لم يقل لِأَن الَّذِي قَالَه هُوَ ذَلِك اللَّفْظ الْعَام، وَتلك الْآيَة الشاملة فقصرها على بعض مدلولاتها بِغَيْر حجَّة نيرة لَا شكّ أَنه من التقول على الله بِمَا لم يقل. وَقد قَالَ سُبْحَانَهُ: {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَالْإِثْم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ} .
وَأَجَابُوا عَن قَوْله تَعَالَى: {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب} ، بِأَن المُرَاد بالمعمَّر الطَّوِيل الْعُمر، وَالْمرَاد بالمنقوص قصير الْعُمر.
وَيُجَاب عَن ذَلِك بِأَن الضَّمِير فِي قَوْله: " وَلَا ينقص من عمره " يعود إِلَى قَوْله من معمر لَا شكّ فِي ذَلِك. وَالْمعْنَى على هَذَا " وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمر ذَلِك المعمر ".
هَذَا معنى النّظم القرآني الَّذِي لَا يحْتَمل غَيره، وَمَا عداهُ فَهُوَ إرجاع للضمير إِلَى غير مَا هُوَ الْمرجع، وَذَلِكَ لَا وجود لَهُ فِي النّظم.
وَأَجَابُوا أَيْضا بِأَن معنى مَا يعمر من معمر مَا يستقبله من عمره. وَمعنى وَلَا ينقص من عمره مَا قد مضى. وَهَذَا تعسف وتكلف وتلاعب بِكِتَاب الله وَتصرف فِيهِ بِمَا يُوَافق الْمَذْهَب ويطابق الْهوى.
وَأَجَابُوا أَيْضا بِأَن المُرَاد بالمعمر من بلغ سنّ الْهَرم، وبالمنقوص من عمره