فَهَذِهِ الْأَحَادِيث وَمَا ورد موردها قد دلّت على أَن الدُّعَاء يرد الْقَضَاء فَمَا بَقِي بعد هَذَا؟
وَمن الْأَدِلَّة الَّتِي تدفع مَا قدمْنَاهُ من قَول أُولَئِكَ الْقَائِلين مَا ورد من الِاسْتِعَاذَة من سوء الْقَضَاء، كَمَا ثَبت الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا، أَنه كَانَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم يَقُول:
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من سوء الْقَضَاء، ودرك الشَّقَاء، وَجهد الْبلَاء، وشماتة الْأَعْدَاء) . وَقد قدمنَا هَذَا الحَدِيث.
فَلَو لم يكن للْعَبد إِلَّا مَا قد سبق بِهِ الْقَضَاء لم يستعذ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم من سوء الْقَضَاء.
وَمن ذَلِك حَدِيث الدُّعَاء فِي الْوتر وَفِيه: " وقني شَرّ مَا قضيت ". وَهُوَ حَدِيث صَحِيح، وَإِن لم يكن فِي الصَّحِيحَيْنِ حَسْبَمَا قدمنَا الْإِشَارَة إِلَيْهِ.
وَمن الْأَدِلَّة الَّتِي ترد قَول أُولَئِكَ الْقَائِلين مَا ورد فِي صلَة الرَّحِم، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أنس أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم قَالَ:
(من أحب أَن يبسط لَهُ فِي رزقه، وينسأ لَهُ فِي أَثَره فَليصل رَحمَه) . قَوْله ينسأ: بِضَم الْيَاء وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة مَهْمُوز أَي يُؤَخر لَهُ فِي أَجله. وَأخرجه البُخَارِيّ وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم أَنه قَالَ:
(مَكْتُوب فِي التوارة: من أحب أَن يُزَاد فِي عمره وَيُزَاد فِي رزقه فَليصل رَحمَه) .
وَأخرج أَحْمد بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات عَن عَائِشَة أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم