مَا ذكره هُنَا على مَا ذكره هُنَاكَ حَتَّى يكون ذَلِك الاستشكال، لما أَفَادَهُ هَذَا الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور هُنَا.
وَأَقُول: هَذَا الحَدِيث مورده، هم أَوْلِيَاء الله الَّذين تقربُوا إِلَيْهِ بِمَا يحب حَتَّى أحبهم، وَهُوَ مُقْتَضى لإجابتهم لَا محَالة.
وَلَا يرد عَلَيْهِ مَا أوردهُ من عدم إِجَابَة جمَاعَة من الْعباد والصلحاء، فَإِن هَذَا مقَام هُوَ أَعلَى من مقامهم، ومنزلة هِيَ أرفع من مَنْزِلَتهمْ، وَلَا مُلَازمَة بَين مقَام الْعِبَادَة وَالصَّلَاح، وَبَين مقَام الْمحبَّة، فَإِن الْعِبَادَة وَإِن كثرت وتنوعت قد تقع مِنْهُ عز وَجل الْموقع الْمُقْتَضى لمحبته، وَقد لَا [تقع] إِمَّا لكَونهَا مشوبة بشائبة تكدر صفوها وتمحق بركتها مِمَّا لَا يتعمده الْعباد، بل يصدر إِمَّا على طَرِيق التَّقْصِير فِي علم الشَّرِيعَة أَو التَّقْصِير فِي الخلوص الَّذِي يُوصل صَاحبه إِلَى محبَّة الرب عز وَجل.
وَلَا حرج على قَائِل أَن يَقُول: إِن من بلغ إِلَى رُتْبَة الْمحبَّة، وَكَانَ الله سَمعه وبصره أَن يُجَاب لَهُ كل دُعَاء وَيحصل [بغيته] على حسب إِرَادَته. وَأي مَانع يمْنَع من هَذَا؟ ! . بل كل مَا يظنّ أَنه مَانع لَيْسَ بمانع شَرْعِي وَلَا عَقْلِي. وَوُجُود بعض أهل الْعِبَادَة على الصّفة الَّتِي ذكرهَا من كَونه دَعَا وَبَالغ وَلم يجب لَيْسَ ذَلِك إِلَّا لمَانع يرجع إِلَى نَفسه. وَلَا يكون الْمَانِع الرَّاجِع إِلَى نَفسه مَانِعا فِي حق من هُوَ أَعلَى مِنْهُ رُتْبَة وَأجل مِنْهُ مقَاما وأكبر مِنْهُ منزلَة.
وَإِذا عرفت انْتِفَاء الْمَانِع الَّذِي يعْتد بِهِ فِي المانعية فقد وجد، هَاهُنَا الْمُقْتَضى