قَاعد فِي الْمَزَابِل، وَمَا يشابهها فيظن من لَا حَقِيقَة عِنْده أَنه من أَوْلِيَاء الله، وَذَلِكَ ظن بَاطِل، وتخيل مختل، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة مَجْنُون قد رفع الله عَنهُ قلم التَّكْلِيف، وَلم يكن وليا لله، وَلَا عدوا.
وَقد تكون المكاشفة من رجل جعله الله سُبْحَانَهُ من الْمُحدثين حَسْبَمَا سبق تَحْقِيق ذَلِك وَهَذِه طَريقَة أثبتها الشَّرْع وَصَحَّ بهَا الدَّلِيل.
وَالْغَالِب أَن ذَلِك لَا يكون إِلَّا من خلص الْمُؤمنِينَ كَمَا سبق فِي حَدِيث " اتَّقوا فراسة الْمُؤمن ".
وَهَذَا الحَدِيث هُوَ شَيْء يوقعه الله فِي روع من كتب لَهُ ذَلِك، فيلقيه إِلَى النَّاس فَيكون مطابقاً للْوَاقِع، وَلَيْسَ من الكهانة، وَلَا من بَاب النجامة والرمل وَلَا من بَاب تلقين الشَّيْطَان كَمَا كَانَ يَقع لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ.
وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي نَحن بصدد شَرحه أَنه لَا يزَال العَبْد يتَقرَّب إِلَى الله سُبْحَانَهُ بالنوافل حَتَّى يُحِبهُ، فَإِذا أحبه كَانَ سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ، وبصره الَّذِي يبصر بِهِ وَيَده الَّتِي يبطش بهَا، وَرجله الَّتِي يمشي بهَا، وسنتكلم إِن شَاءَ الله على مَعَاني هَذِه الْأَلْفَاظ النَّبَوِيَّة.
وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم من ذَلِك الْكثير الطّيب كَقَوْلِه سُبْحَانَهُ: {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} .