فَاعْلَم أَن عُمْدَة الْأَعْمَال الَّتِي تترتب عَلَيْهَا صِحَّتهَا أَو فَسَادهَا هِيَ النِّيَّة وَالْإِخْلَاص، وَلَا شكّ أَنَّهُمَا من الْأُمُور الْبَاطِنَة.
فَمن لم تكن نِيَّته صَحِيحَة لم يَصح عمله الَّذِي عمله، وَلَا أجره الْمُتَرَتب عَلَيْهِ. وَمن لم يخلص عمله لله سُبْحَانَهُ فَهُوَ مَرْدُود عَلَيْهِ مَضْرُوب بِهِ فِي وَجهه، وَذَلِكَ كالعامل الَّذِي يشوب نِيَّته بالرياء، قَالَ الله عز وَجل: {واعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
" سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم يَقُول: إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى فَمن كَانَت هجرته إِلَى الله وَرَسُوله فَهجرَته إِلَى الله وَرَسُوله، وَمن كَانَت هجرته إِلَى دنيا يُصِيبهَا أَو امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة فِي قصَّة الْجَيْش الَّذِي يَغْزُو الْكَعْبَة فيخسف بهم، قَالَت: قلت يَا رَسُول الله كَيفَ يخسف بأولهم وَآخرهمْ وَفِيهِمْ أسواقهم وَمن لَيْسَ مِنْهُم؟ قَالَ: " يخسف بأولهم وَآخرهمْ ثمَّ يبعثون على قدر نياتهم ".
وَأخرج ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم:
" إِنَّمَا يبْعَث النَّاس على نياتهم " وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث جَابر. وَأخرج البُخَارِيّ وَغَيره من حَدِيث أنس قَالَ: " رَجعْنَا