من نوافل الْعِبَادَات فِي هَذَا الحَدِيث من الْمحبَّة لَهُم، وَمَا ترَتّب عَلَيْهَا عصمَة كعصمة الْأَنْبِيَاء مُخطئ مُخَالف للْإِجْمَاع.
فَإِن الْعِصْمَة بِهَذَا الْمَعْنى خص الله سُبْحَانَهُ بهَا رسله وَمَلَائِكَته وَلم يَجْعَلهَا لأحد من خلقه.
فَإِن هَذَا الْمقَام هُوَ مقَام النُّبُوَّة لَا مقَام الْولَايَة. وَلَا يُخَالف فِي ذَلِك إِلَّا جَاهِل أَو زائغ.
وَلَكِن الشَّأْن فِيمَا تستلزمه هَذِه الْمحبَّة من الرب سُبْحَانَهُ وَمَا يتأثر عَن قَوْله كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ، وبصره الَّذِي يبصر بِهِ، وَيَده الَّذِي يبطش بهَا. وَرجله الَّذِي يمشي بهَا. فَإِن هَذَا يدل أبلغ دلَالَة ويفيد أَعلَى مفَاد أَن من وَقع لَهُ ذَلِك من جناب رب الْعِزَّة كَانَ مثبتا أكمل تثبيت، وموفقا أعظم توفيق، وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار لَا مَانع لما أعْطى، وَلَا معطي لما منع.
وَأما مَا حَكَاهُ عَمَّن بَالغ مِنْهُم فَقَالَ: حَدثنِي قلبِي عَن رَبِّي. فَلَيْسَ هَذَا من الخواطر، بل من الرِّوَايَة المكذوبة وَالْكَلَام المفترى إِن كَانَ قَائِله كَامِل الْعقل.
وَإِلَّا فغالب مَا تصدر مثل هَذِه الدَّعَاوَى العريضة عَن المصابين بعقولهم، المخالطين فِي إدراكهم، وَلَيْسَ على مَجْنُون حرج.