بِنور الله مَاشِيا بِنور الله. وَمَا فِي هَذَا من منع أَو من أَمر لَا يجوز على الرب سُبْحَانَهُ وَقد سَأَلَهُ رَسُوله، [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم وَطَلَبه من ربه.
وَوصف الله عباده بقوله: {نورهم يسْعَى بَين أَيْديهم - الْآيَة} .
وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُخَالف موارد الشَّرِيعَة، وَلَا مَا يُنَافِي إِدْرَاك عقول المتشرعين العارفين بِالْكتاب وَالسّنة.
وَقد جعل الله سُبْحَانَهُ الْخُرُوج من ظلمات الْمعاصِي إِلَى أنوار الطَّاعَات خُرُوجًا من الظُّلُمَات إِلَى النُّور. وَورد فِي الْكتاب وَالسّنة من هَذَا الْجِنْس الْكثير الطّيب.
فَمَعْنَى الحَدِيث كنت سَمعه بنوري الَّذِي أقدف فِيهِ فَيسمع سَمَاعا لَا كَمَا يسمعهُ أَمْثَاله من بني آدم، وَكَذَلِكَ بَقِيَّة الْجَوَارِح.
وَانْظُر فِي هَذَا الدُّعَاء الَّذِي طلبه رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم أَن يكون نور الله فِي سَمعه وبصره وَقَلبه وعصبه ولحمه وَدَمه وشعره وبشره وَلسَانه وَنَفسه، بل سَأَلَ رَبَّه أَن يمده بنوره خَلفه وأمامه. فلوا أَن لنُور الله سُبْحَانَهُ قُوَّة لجَمِيع الْأَعْضَاء مَا طلبه سيد ولد آدم وَخير الخليقة.
وَالْحَال أَن الله قد جعله نورا لِعِبَادِهِ فَكيف لَا يكون ذَلِك مَطْلُوبا لسَائِر الْعباد لما ينشأ عَنهُ من النَّفْع الْعَظِيم؟ .
فَمن أمده الله سُبْحَانَهُ بنوره فِي جَمِيع بدنه صَار لاحقاً بالعالم الْعلوِي وَمن أمد عضوا مِنْهُ بنوره صَار ذَلِك الْعُضْو نورانياً.