كل شَيْء. والنوافل لَيست بِهَذِهِ الْمنزلَة فَإِنَّهَا من جملَة مَا دخل تَحت النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي لَكِن الرب جعل فعلهَا سَببا لحبه لفاعلها من حَيْثُ أَنه جَاءَ بِزِيَادَة على مَا أمره بِهِ محبَّة للتقرب إِلَى الله بِمَا لم يُؤمر بِهِ. فَاسْتحقَّ محبَّة الله لَهُ مَعَ كَون تأدية الْفَرَائِض أحب إِلَى الله. لَكِن صَاحب هَذِه النَّافِلَة مَحْبُوب لَهُ لتِلْك التكتة الَّتِي قدمنَا ذكرهَا، والفرائض أحب مَا تقرب بِهِ إِلَى الله.
ثمَّ لَا خلاف أَن نوافل من هُوَ تَارِك للفرائض لَيست بِمَنْزِلَة نَافِلَة من هُوَ مُقيم للفرائض والمتنفل الَّذِي يُحِبهُ الله هُوَ الَّذِي جَاءَ بِفَرِيضَتِهِ، ثمَّ تنفل مَا كتبه الله لَهُ.
وَلِهَذَا سميت نَافِلَة أَي زَائِدَة على مَا افترضه الله على العَبْد. فَمَا لنا وللتعرض للمفاضلة بَين الْفَرِيضَة والنافلة، فَإِن هَذَا كَلَام خَارج عَن مَقْصُود الحَدِيث الْقُدسِي. وَكَيف يعتضد بِمَا نَقله عَن بعض الأكابر على هَذَا الْأَمر الَّذِي هُوَ من الشَّرِيعَة بِمَنْزِلَة أوضح من شمس النَّهَار؟ {}
وإيضاح الْمقَام بِأَن يُقَال إِن التَّرْجِيح فرع التَّعَارُض وَلَا تعَارض هُنَا أَلْبَتَّة لِأَن كَون الْفَرَائِض أحب الْقرب إِلَى الله لَا يُنَافِي كَون المتقرب بالنوافل يُحِبهُ الله، وَإِنَّمَا يكون التَّعَارُض فِي هَذَا الْمقَام لَو قَالَ: من جَاءَ بالفرائض فَهُوَ أحب إِلَى الله من كل أحد، وَمن تقرب بالنوافل فَهُوَ أحب إِلَى الله من كل أحد؟ {}
وَأما مُجَرّد كَونه يحب أَحدهمَا، فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي أَن يحب الآخر ثمَّ لَا تنافى بَين