يُؤَدِّي الْفَرِيضَة لَا يحصل النَّافِلَة، وَمن أدّى الْفَرْض ثمَّ زَاد عَلَيْهِ النَّفْل وأدام تِلْكَ تحققت مِنْهُ إِرَادَة التَّقَرُّب " انْتهى.
وَأَقُول: أما قَوْله أَنه يُؤْخَذ من قَوْله مَا تقرب إِلَى آخِره أَن النَّافِلَة لَا تقدم على الْفَرِيضَة فَلَيْسَ فِي مثل هَذَا خلاف لِأَن الْأَمر بالفرائض حتم فالإتيان بِمَا هُوَ حتم مقدم لَا يُنَازع فِي ذَلِك أحد وَلَا يحْتَاج مثله إِلَى التَّحْرِير وَالذكر. وَقد صَحَّ عَنهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم أَنه قَالَ:
" إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة ".
وَأما قَوْله. " وأدام ذَلِك " فَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث مَا يدل على الإدامة، بل المُرَاد مُجَرّد وجود التَّقَرُّب بالنوافل وقتا فوقتاً وَتارَة فَتَارَة، فَإِن من فعل هَكَذَا يصدق عَلَيْهِ أَنه متقرب بالنوافل وَإِن لم يحافظ عل ذَلِك حَتَّى يصدق الدَّوَام على ذَلِك الَّذِي تقرب بِهِ وَيصدق عَلَيْهِ أَنه مديم للتقرب.
قَالَ ابْن حجر بعد نَقله لكَلَام ابْن هُبَيْرَة الْمُتَقَدّم: " وَأَيْضًا قد جرت الْعَادة أَن التَّقَرُّب يكون غَالِبا بِغَيْر مَا وَجب على المتقرب كالهدية والتحفة بِخِلَاف من يُؤَدِّي [مَا] عَلَيْهِ من إِخْرَاج أَو يقْضِي مَا عَلَيْهِ من دين " انْتهى.