وَتَأمل بَيَان رَسُول الله [[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]] لِمَعْنى الْإِحْسَان فَإِنَّهُ يدل على أَنه رُتْبَة عَلِيَّةٌ لِأَن من عِنْد الله كَأَنَّهُ يرَاهُ قد بلغ إِلَى أَعلَى منَازِل الْخُشُوع الَّذِي هُوَ روح الصَّلَاة وَبِه يتَفَاوَت أجرهَا كَمَا ثَبت فِي حَدِيث " أَن الرجل يُصَلِّي فَيكون لَهُ نصفهَا، ثلثهَا، ربعهَا، الحَدِيث " فَإِن ذَلِك التَّفَاوُت إِنَّمَا هُوَ من جِهَة الْخُشُوع وَحُضُور الْقلب وَقطع النّظر عَمَّا سوى الله عز وَجل.
فَهَذَا الَّذِي وصل إِلَى هَذِه الرُّتْبَة لَا يبلغهَا إِلَّا بعد أَن تحصل لَهُ خِصَال الْإِيمَان على الْكَمَال بعد خِصَال الْإِسْلَام ثمَّ تحصل لَهُ هَذِه المزية الْعُظْمَى.
وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا لأولياء الله عز وَجل الراسخين فِي الْولَايَة، الْبَالِغين إِلَى غَايَة مراتبها، وَلِهَذَا آذان الله سُبْحَانَهُ من عاداهم بِالْحَرْبِ. وَفِيه إِشَارَة إِلَى مَرَاتِب الطَّاعَات بتفاوت الْأَشْخَاص وَأَنه قد يَقع التَّفَاوُت بَين الرجلَيْن كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فكم بَين رجل يعبد الله وَهُوَ يفكر فِي أَمر آخر ويشتغل بِأُمُور الدُّنْيَا لَا يحصل لَهُ شَيْء من خشوع وَلَا نصيب من حُضُور قلب وَلَا طرف من المراقبة، وَبَين هَذَا الَّذِي رزقه الله سُبْحَانَهُ الْإِحْسَان وَشرح صَدره لعبادة الرَّحْمَن.
وَفِيه منزع قوي لما عَلَيْهِ أَوْلِيَاء الله من تِلْكَ المزايا الَّتِي لَا يشاركهم [فِيهَا] غَيرهم، وَلَا يلْحق بهم فِيهَا سواهُم.
وَمن أنكر مَا تفضل الله بِهِ عَلَيْهِم من فَضله الَّذِي عَم، وَكَرمه الَّذِي جم