من الْعَالم الَّذِي خلقه وشق سَمعه وبصره ورزقه وَمن عَلَيْهِ بِالنعَم الَّتِي لَا يقدر على شَيْء مِنْهَا إِلَّا هُوَ تعالت قدرته وتقدس اسْمه.
وَمن فَوَائِد رسوخ الْإِيمَان بِهَذِهِ الْخصْلَة أَنه يعلم أَنه مَا وصل إِلَيْهِ من الخيرر على أَي صفة كَانَ وبيد من اتّفق فَهُوَ مِنْهُ عز وَجل، فَيحصل لَهُ بذلك من الحبور وَالسُّرُور مَالا يقادر قدره لما لَهُ سُبْحَانَهُ من العظمة الَّتِي تضيق أذهان الْعباد عَن تصورها وتقصر عُقُولهمْ عَن إِدْرَاك أدنى منازلها.
وَإِذا كَانَ للعطية من ملك من مُلُوك الدُّنْيَا مَا يتأثر لَهُ الْمُعْطِي ويفرح بِهِ وَيسر لأَجله لكَونه من أعظم بني آدم لجعل الله سُبْحَانَهُ بِيَدِهِ الْحل وَالْعقد فِي طَائِفَة من عباده، فَكيف الْعَطاء الْوَاصِل من خَالق الْمُلُوك ورازقهم ومحييهم ومميتهم.
وَمَا أحسن مَا قَالَه الْحَرْبِيّ رَحمَه الله: " من لم يُؤمن بِالْقدرِ لم يتهنَّ بعيشه ".
وَهَذَا صَحِيح فَمَا تعاظمت الْقُلُوب بالمصائب، وَضَاقَتْ بهَا الْأَنْفس وحرجت [بهَا] الصُّدُور إِلَّا من ضعف الْإِيمَان بِالْقدرِ اللَّهُمَّ ارحمنا بِرَحْمَتك فَإنَّا من الضعْف مَا أَنْت أعلم بِهِ، وَمن عدم الصَّبْر على حوادث الزَّمَان مَالا يخفى عَلَيْك، وَمن عدم الثَّبَات عِنْد المحن مَا لديك حَقِيقَته. ولكننا نَسْأَلك الْعَافِيَة الَّتِي