العبد مختاراً لما يفعله، فهو مختار مريد، والله - سبحانه وتعالى - خالقه وخالق اختياره، وهذا ليس له نظير؛ فإن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. وهم في ((باب الأسماء، والأحكام، والوعد، والوعيد)) وسط بين الوعيدية، الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار، ويخرجونهم من الإيمان بالكلية، ويكذبون بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين المرجئة الذين يقولون: إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأعمال الصالحة ليست من الدين، ويكذبون بالوعيد، والعقاب بالكلية.

[و] يؤمن أهل السنة والجماعة بأن فُسَّاق المسلمين معهم بعض الإيمان وأصله، وليس معهم جميع الإيمان الواجب الذي يستوجبون به الجنة، وأنهم لا يخلدون في النار بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، أو مثقال خردلة من إيمان، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادَّخَرَ شفاعته لأهل الكبائر من أمته.

وهم أيضاً في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و - رضي الله عنهم - وسط بين الغالية، الذين يغالون في علي - رضي الله عنه -، فَيُفضِّلونه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويعتقدون أنه الإمام المعصوم دونهما، وأن الصحابة ظلموا، وفَسَّقوا، وكفَّروا الأمة بعدهم كذلك، وربما جعلوه نبياً أو إلهاً، وبين الجافية الذين يعتقدون كفره، وكفر عثمان رضي الله عنهما، ويستحلّون دماءهما ودماء من تولاهما، ويستحبّون سبَّ علي وعثمان ونحوهما، ويقدحون في خلافة علي - رضي الله عنه - وإمامته. وكذلك في سائر (أبواب السنة) هم وسط لأنهم متمسكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015