مهما قلنا فيه، يصير الإيقاع أقل وضوحًا ويجعل السامع أضعف قدرة على التقاط النغم فيه. ولذلك فإن مجيء القافية في آخر كل شطر، سواء أكانت موحدة أم منوعة، يعطي هذا الشعر الحر شعرية أعلى ويمكن الجمهور من تذوقه والاستجابة له.
ولنقارن بين قصيدتين إحداهما مرسلة والأخرى ذات قافية، ولنلاحظ الفرق في الموسيقى والشعرية. لصلاح عبد الصبور من "الكامل"1:
كنا على ظهر الطريق عصابة من أشقياء
متعذبين كآلهة
بالكتب والأفكار والدخان والزمن المقيت
طال الكلام مضى المساء لجاجة، طال الكلام
وابتل وجه الليل بالأنداء
ومشت إلى النفس الملالة والنعاس إلى العيون
كانت هذه القصيدة مرسلة من دون قافية، وقد أفقدها ذلك جمال الوقع وعلو النبرة. فأين هي من قصيدة نزار قباني من "الكامل"2:
ولمحت طوق الياسمين
في الأرض مكتوم الأنين
كالجثة البيضاء تدفعه جموع الراقصين
ويهم فارسك الجميل بأخذه فتمانعين
وتقهقهين
"لا شيء يستدعي انحناءك، ذاك طوق الياسمين"